للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: إذا عرفنا تعريف الرشوة، فربما يُمَكّننا ذلك من أن نعرف جزئيات الحوادث المتعلقة بالرشوة، أو على الأقل يُسَهِّل لنا الجواب عن هذا السؤال بخصوصه.

الرشوة: هي دفع مال؛ لاستحقاق باطل أو إبطال حق، فإذا لم يكن هذا المال الذي يُدفع يُبْطَل به حق أو يُحق به باطل، فليس رشوةً.

وحينئذٍ يُمكن أن نتفهم كثيراً من الأسئلة التي تَعْرِض للناس اليوم في هذا الزمان، حينما مثلاً يُبْتَلى أحدهم بموظف بركت المعاملة عنده، فهو يحتفظ بها وقد أخذت نهاية ما تتطلبها المعاملة عادة بين الناس وبين الدوائر، ولكن هو لأمرٍ ما احتفظ بالمعاملة لديه يريد رشوة، فكلما ما رجع صاحب المعاملة يُماطله، وأخيراً تبين له أنه يريد طُعْماً، فأطعمه فناوله المعاملة، فهذا المال الذي دفعه لهذا الموظف هل هو رشوة؟

فلنُطَبِّق القاعدة السابقة، الرشوة كل مالٍ يُعطى لإبطال حق أو لإحقاق باطل.

هنا لا يظهر هذا الشرط أبداً، بل هذا المال دُفِع للوصول إلى حَقّه المهضوم، وعلى ذلك فقس.

نأتي إلى صورة سؤالك أنت، هل هذه الصورة التي عرضتها في سؤالك، هي من هذا القبيل أو من قبيل آخر، الآن أمر يحتاج إلى شيء من التفصيل.

الأمانة -بلا شك- وضعت نظاماً للأبنية، والمفروض أن هذا النظام هو لصالح الشعب! وعلى ذلك: فيجب على كل فرد من أفراد الشعب، أن يلتزم هذا النظام الذي فُرِض عليه في ذلك البنيان، فإذا علم في باله أن يُنَفّذ رأياً خاصاً له في بنيانه، وهو يعلم أنه في ذلك مخالف لنظام بلده، فيعطي مالاً لموظف الأمانة والمكلف بالإشراف على الأبنية، وتنفيذ القوانين المرعية .. إلى آخره، فلكي يغض النظر عنه يعطيه مالاً، هذا هنا يُعْتَبر رشوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>