مالك» وفي بعض السنن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الفجر في مسجد الخيف ... ولما سلم، وجد رجلين يُوحي وضعهما بأنهما لما يكونا من المصلين مع جماعة المسلمين، فناداهما النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال لهما:«أولستما مسلمين؟ »، قالا: بلى يا رسول الله، قال:«فما منعكما أن تصليا معنا؟ » قالا: يا رسول الله إنا كنا صلينا في رحالنا، فقال -عليه الصلاة والسلام-: «إذا صلى أحدكم في رحله، ثم أتى مسجد الجماعة، فوجدهم يصلون، فليُصَلِّ معهم؛ فإنها تكون له نافلة».
إذاً: هذا أمر بأن يعيدا تلك الصلاة، أو يعيدا تلك الصلاة التي كانوا صلياها في رحالهما، لماذا؟
لأن انفرادهما في المسجد عن جماعة المسلمين يُشْعِر الجماعة بأن هؤلاء ليسوا منهم.
ولذلك: فلا يجوز للمسلم أن يقف مواقف التهم، وقد قيل:«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يقف مواقف التهم».
أقول: وقد قيل؛ لأُعطيكم إشعاراً بأن هذا ليس حديثاً نبوياً، وإن كان معناه معقولاً مقبولاً، لما استشهدت به قوله: بحديث مسجد الخيف هذا.
فإذاً: إذا كان الإنسان قد صلى الفريضة في بيته أو في دكانه، ولكنه لم يصلها مع جماعة المسلمين في المسجد، ثم دخل المسجد والصلاة قائمة، فلا يجوز أن ينتحي ناحية من المسجد، بدعوى أنه كان قد صلى الفرض، وبخاصة إذا كان عنده شيء من الفقه بالحديث الأول:«لا صلاة في يوم مرتين»«لا فريضة في يوم مرتين»، وربما قال في نفسه: فأنا لا يجوز لي أن أصلي الفرض مرةً ثانية.
نقول له: نعم هو كذلك، إلا إذا دخلت مسجد جماعة، ووجدتهم يصلون الفريضة التي صليتها أنت لوحدك.
فحينذاك لا يشملك قوله -عليه السلام- الأول:«لا صلاة في يوم مرتين» بل يُسْتَثنى منه هذه الحالة التي أنت فيها، حالة دخولك المسجد، وصلاة الجماعة قائمة.