المساجد مثل الكنائس من حيث الواقع، من حيث كونها تحت إشراف وزارات لا تقوم بشريعة الله عز وجل حقاً.
هذه المساجد فقط تصلي الصلاة، وتقفل الباب، بينما هذه المساجد يجب أن تكون فيها مدارس مختلفة كما كان الأمر في الزمن الأول.
أنا على أني من جيل العصر الحاضر، أدركت في المسجد الأموي عندنا في دمشق هنا حلقة تعلم الحديث .. هنا حلقة نحو .. هنا حلقة الفقه الحنفي والشافعي وإلى آخره، فالمسجد عامر بالتدريس والتعليم، والتاريخ يذكر حتى علم الفلك كان يدرس في بعض العصور التي مضت في المساجد.
فإذاً: لا ينبغي أن نُقَرِّر مثل هذا السؤال توجيهاً، بل علينا أن ننسفه نسفاً وأن نقول:
ألم تر أن السيف ينقص قدره ... إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
ماذا أتى بالمدرسة إلى المسجد؟ المدارس هذه تليق بمن لا مساجد عندهم، أما من كان عندهم مساجد فهي مساجد الصلوات والعبادات، وهي مساجد لتعليم العلم.
وهنا حكمة: فهذه المدارس التي تكون في المساجد، تكون مُتَقِّيدةً بتعليم ما ينفع وليس بتعليم ما يضر، أي: حينئذٍ لا يدرس علم الاقتصاد في المسجد وفيه تعامل بالربا، والحسابات الدقيقة وما يتعلق بذلك وإلى آخره، فيكون جعل المدرسة في المسجد سبباً مادياً لا شعورياً إلى إبعاد المسلمين عن دراسة ما لا يجوز؛ لأن هذا مسجد، ففي المدارس اليوم تدرس فيها كما يقولون: علوم الفنون الجميلة .. يدرس فيها الغناء والموسيقى وآلات الطرب ونحو ذلك، والتمثيل والغناء وإلى آخره.
لذلك أقول: لا سواء! المسجد هو الذي يُقَدّم على المدرسة، ثم المسجد حينما يسلك المسلمون طريقة سلفهم الصالح، ينقلب المسجد إلى خير من مدرسة لا أقول إلى مدرسة، وإنما إلى خير من مدرسة، ولذلك فعليكم بعمارة المساجد.