الشيخ: اصبر قليلاً ما عليك، اصبر قليلاً، الآن أنا أظن أنك خرجت عن الخط الذي ابتدأت المشي أو السير فيه في أول كلامك.
السائل: فرغنا من البداية، الآن انتقلنا إلى سؤال آخر حَدَّدناه في مهنة التدريس.
الشيخ: هو كذلك، لكن أنا أُذكرك أن هنا لازم تمسك ذاك الخط، الآن إذا تصورنا أن الدولة الإسلامية قامت، وعسى أن يكون ذلك قريباً، كما قلت أنت آنفاً في كلامك، لماذا أنا أقول نرجع إلى الخط الأول، أليست الدولة بحاجة إلى كل وظيفة سواء كانت وظيفة دينية محضة تعليم القرآن تعليم الحديث الفقه .. إلخ العلوم الشرعية كلها، كذلك أليست الدولة بحاجة إلى العلوم الأخرى كالفيزياء والكيمياء .. إلخ، صح؟
السائل: بلى.
الشيخ: فإذا الدولة تريد أناسًا يتعلموا أو يتوظفوا في وظيفة من هذه الوظائف المتعلقة بالعلوم الدنيوية، حينئذٍ هل يجوز للمسلم أن يقول: وأن يعرض نفسه للدولة وأن يقول بلسان الحال أو بلسان القال: أنا لها أنا لها، أو أن يقول كما قال يوسف عليه السلام:{اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}[يوسف: ٥٥]، هل يجوز للمسلم أن يطلب الوظيفة هذه بعد أن حَدَّدناها، أم الأمر يعود إلى الحاكم المسلم ومجلس الشورى الذي هو تحت يده، ولا يجوز له أن يأتي عملاً إلا بعد استشارته، أليس كذلك؟
السائل: بلى.
الشيخ: فإذاً: ما ينبغي للمسلم أن يطلب التوظيف أصالةً، وبالأَوْلَى أن يطلب الترفيع، وإنما هو يعمل بإخلاص في عمله، ثم الله عز وجل هو الذي يلهم المشرفين عليه والمُطَّلعين على عمله وإخلاصه فيه، أن يرفعوه وأن ينفعوا الأمة في علمه في مركز أو وظيفة أعلى من وظيفته السابقة.