الشيخ: لا يوجد فرق يا غازي، القضية قضية واحدة، يعني صحيح بالنسبة متعلق بالدولة أهم وأكثر.
لكن القضية كُلُّها من شأن صيانة المسلم لنفسه أنه لا يعرض ولا يطلب، كما قيل: السؤال ذل ولو أين الطريق، وفي الأحاديث الصحيحة أن الرسول عليه السلام لما بايع الناس أو على الأقل طائفة من الناس، بايعهم على أن لا يسألوا الناس شيئاً، فهذا من الحكمة في البحث السابق، فكان أحدهم إذا كان راكباً على ناقته ووقع السوط من يده والنار تمر من بين يديه، لا يقولوا ناولني السوط من فضلك، وإنما يُنِيخ الناقة ويستلمها بيده، ذلك ليكون المسلم في قرارة نفسه عزيزاً لا يسأل إلا الله، حتى في قضايا هي مما يجوز التعاون عليها بين الناس.
وهذا يَجُرُّنا إلى موضوع مهم جداً، ولا يزال كثير من المشايخ يناقشوا في ذلك ويجادلوا مجادلة باطلة وخطيرة جداً، وهي أنهم يُجيزوا للمسلم أن يستغيث بغير الله من الأموات .. من الموتى الذين لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، فالإسلام وَجَّه المسلم أن الحي، ما يطلب من الحي ما دام يسعه واقعه ألاَّ يسأل، والمثال ناولني السوط، لا أنا سأتناوله بيدي، فما بالك بالمسلم ينسى الله في ساعة الشِّدّة ويناجي غير الله، وهذا المنادي لا يستطيع أن يجيبه حتى لو كان حياً، فإذا كانت الاستغاثة استغاثة كما قال بعض السلف .. استغاثة الحي بالميت كاستغاثة المسجون بالمسجون، ما الذي يطلع بيده؟ لكن استغاثة الحي بالحي الجائزة في حدود مُعَيّنة، فهو مثلاً لا يجوز له أن يُناجي من كان بعيداً عنه يا فلان أغثني، لكن إذا كان واحد كافرًا مثلاً هَمَّ بضربه ومر رجل مسلم بعد شوي يقول له: يا فلان أغثني من هذا الكافر، هذا يجوز، لكن باستطاعتك لما يقع السوط منك أنك ما تقول له: ناولني يا أخي السوط؛ لأنه باستطاعتك أن لا تسأل.