فيهما جرحا ولا تعديلا، فهذه الطريق تقوى الطريق الأولى، وقد أشار الحافظ ابن عبد البر إلى تصحيح هذا الأثر عن عثمان رضى الله عنه، وهو ما نقله المؤلف رحمه الله عنه أنه قال:«صح عن النبى - صلى الله عليه وسلم - وأبى بكر وعمر وعثمان أنهم كانوا يغلسون».
فإذا ثبت ذلك عن عثمان فالجمع بينه وبين إسفاره أن يحمل الإسفار على أول خلافته، فلما استقرت له الأمور رجع إلى التغليس الذى يعرفه من سنته - صلى الله عليه وسلم -، والله أعلم.
«تنبيه»: الذى يبدو للباحث أن الانصراف من صلاة الفجر فى الغلس لم يكن من هديه - صلى الله عليه وسلم - دائما، بل كان ينوع، فتارة ينصرف فى الغلس كما هو صريح حديث عائشة المتقدم، وتارة ينصرف حين تتميز الوجوه وتتعارف ويحضرنى الآن فى ذلك حديثان:
الأول: حديث أبى برزة الأسلمى قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينصرف من الصبح فينظر الرجل إلى وجه جليسه الذى يعرف فيعرفه».أخرجه الستة إلا الترمذى والبيهقى وأحمد وقد خرجته فى «صحيح أبى داود»«٤٢٦»، واخرجه أيضا ابن أبى شيبة «١/ ١٢٥/١» والطحاوى «١/ ١٠٥» والسراج «ق ٩٩/ ١» واللفظ له.
الثانى: حديث أنس بن مالك، يرويه شعبة عن أبى صدقة مولى أنس ـ وأثنى عليه شعبة خيرا - قال:«سألت أنسا عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلى الظهر إذا زالت الشمس، والعصر بين صلاتكم هاتين، والمغرب إذا غربت الشمس، والعشاء إذا غاب الشفق، والصبح إذا طلع الفجر إلى أن ينفسح البصر».
أخرجه النسائى «١/ ٩٤ ـ ٩٥» وأحمد «٣/ ١٢٩، ١٦٩» والسياق له وإسناده صحيح رجاله رجال الشيخين غير أبى صدقة هذا واسمه توبة الأنصارى البصرى،