لكنهم في منطلقهم في حياتهم يفعلون فعل المشركين؛ ذلك لأنهم لا يفقهون معنى هذه الكلمة، ولا يعلمون ملتزماتها.
هذا الصحابي الذي قال للرسول:«ما شاء الله وشئت»، لا يعني: أن يجعله شريكاً مع الله في المشيئة والإرادة، ولكن هكذا نطق به لسانه، فما أقره عليه السلام، مع أنه يعلم منه أكثر مما نعلم نحن منه بطبيعة الحال، من سلامة عقيدته من الشرك والكفر.
لكن كل ذلك لم يحمل الرسول عليه السلام على أن يمحو هذا الخطأ، وعلى أن يمر عنه، وإنما قال بصيغة الاستفهام الاستنكاري:«أجعلتني لله نداً؟ ! قل: ما شاء الله وحده».
هناك حديث آخر وهو أعجب من هذا الحديث؛ لأنه يعطينا فكرة أكثر مما أعطانا هذا الحديث.
هذا الحديث يتعلق برجل أخطأ هذا الخطأ، لكن الحديث التالي يعطينا أن كثيراً من الصحابة كانوا يقولون مثل هذه الكلمة.
ذلك حديث حذيفة فيما أذكر أو غيره من الصحابة:«أن رجلاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى في المنام أنه بينما كان يمشي في طريق من طرق المدينة، لقي رجلاً من اليهود، فقال له: نِعْمَ القوم أنتم معشر يهود، لولا أنكم تُشركون بالله، فتقولون: عزير ابن الله، فقال اليهودي للمسلم -هذا في المنام-: ونِعْمَ القوم أنتم معشر المسلمين، لولا أنكم تشركون بالله» الخطاب الآن في المنام ليس لفرد بل لجماعة، «لولا أنكم تشركون بالله، فتقولون: ما شاء الله وشاء محمد، ثم انطلق يمشي حتى لقي رجلاً من النصارى، فقال له المسلم: نِعْمَ القوم أنتم معشر النصارى، لولا أنكم تُشركون بالله، فتقولون: عيسى ابن الله، فقابله النصراني بقوله: نعم القوم أنتم معشر المسلمين، لولا أنكم تشركون بالله فتقولون: ما شاء الله وشاء محمد.
لما أصبح الصباح وقَصَّ هذه الرؤيا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: «هل قصصتها على أحد؟ قال: لا، فوقف خطيباً وقال عليه السلام لهم: كنت أسمع منكم كلمةً