«فائدة»: ذكر النووي في «شرح مسلم» وفي المجموع «٣/ ٤٨» أن المراد بقوله في هذه الأحاديث: «يؤخرون الصلاة عن وقتها» أي: عن وقتها المختار لا عن جميع وقتها، فإن المنقول عن الأمراء المتقدمين والمتأخرين إنما هو تأخيرها عن وقتها المختار، ولم يؤخرها أحد منهم عن جميع (١) وقتها فوجب حمل هذه الأخبار على ما هو الواقع. ومعنى صل الصلاة لوقتها أي لأول وقتها. ثم قال: وفيه أن الإمام إذا أخرها عن أول وقتها يستحب للمأموم أن يصليها في أول الوقت منفردا ثم يصليها مع الإمام فيجمع فيصلي أول الوقت والجماعة، فلو أراد الاقتصار على أحدهما فهل الأفضل الاقتصار على فعلها منفردا في أول الوقت أم الاقتصار على فعلها جماعة في آخر الوقت؟
فيه خلاف مشهور قال: والمختار استحباب الانتظار إن لم يفحش التأخير.
وقال شيخ الإسلام في «الاختيارات»«ص ١٩»: «وجمهور العلماء يرون تقديم الصلاة أفضل إلا إذا كان في التأخير مصلحة راجحة مثل المتيمم يؤخر ليصلي آخر الوقت بوضوء والمنفرد يؤخر حتى يصلي آخر الوقت مع جماعة».
قلت والصواب: الذي تدل عليه الأحاديث ما ذكره النووي واختاره من استحباب الانتظار إذا لم يفحش التأخير.
ولا ينافي ما سبق قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تصلوا صلاة في يوم مرتين»[إسناده صحيح]. لأنه إنما أراد به أن يصليهما كلتيهما على وجه الفرض كما قال ابن عبد البر. أو يكون من العام المخصوص بهذه الأحاديث وأمثالها ويأتي بعضها في محالها. وهذا أولى عندي مما قاله ابن عبد البر لأنه يلزم منه جواز إعادة كل صلاة صلاها مع الجماعة أن يصليها مرة أخرى منفردا متنفلا بها وما أعتقد أن عالما يعتقد ذلك.
[الثمر المستطاب «١/ ٨٦»].
(١) قلت: قال ابن عبد البر في «الاستذكار»: وقد كان الأمراء من بني أمية وأكثرهم يصلون الجمعة عند الغروب. نقله ابن القيم في «الصلاة» «٩٩» ولم يتبعه بشيء. وهو خبر غريب جدا فينظر في صحته. [منه].