وهنا حكمة بالغة بالشريعة الإسلامية- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عاملهم بما أظهروه، ولم يُعاملهم بما أبطنوا وأسَرُّوا؛ ولذلك صلى على هذا الإنسان، ثم لما نُهِي عن الصلاة على المنافقين، وكان عنده علم مسبق بمن هم من المنافقين لم يعد يصلي عليهم.
ومن هنا: جاء قوله عليه السلام: «ليُذَادَن أقوام يوم القيامة عن حوضي، فأقول: يا رب أصحابي أصحابي، وفي رواية: أُصَيْحابي أُصَيْحَابي، فيقال له: إنك لا تدري ما أَحْدَثوا بعدك، إنهم لن يزالوا القهقرى، فأقول حينئذٍ: سُحْقاً سُحْقاً».
خلاصة الجواب: أن هذا كان موجوداً، ولعَلّ النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما قال قَوْلته المشهورة في الصحيحين:«لقد هَمَمت أن آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم آمُر رجالاً فيحطبوا حطباً، ثم أُخَالف إلى أناس يدعون الصلاة مع الجماعة، فأُحَرِّق عليهم بيوتهم، والذي نفس محمد بيده لو يعلم أحدهم أن في المسجد مَرْمَاتين حسنتين لشهدها» يعني: صلاة العشاء.
يمكن أن يكون هؤلاء المتخلفين من أولئك المنافقين، سواء القسم الأول أو القسم الآخر؛ ولذلك صح عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال:«ما كنا نرى الذين يتخلفون عن صلاة الجماعة، إلا أنهم من المنافقين» نعم.
مداخلة: إذاً: هل كانوا بدلالة هذا الحديث يَشْهدون صلاة الفجر؟ لأن السؤال هنا: هل كان المنافقون أو ثبت أن المنافقين يَحْضُرون صلاة الفجر؟
الشيخ: أنا أظن -بارك الله فيك- تعليقي على الحديث:«لقد هَمَمْت» هو جواب هذا الحديث نفسه، وإلا ترى هناك فرقاً بين هذا وذاك: أن الذين كانوا يتخلفون عن صلاة الجماعة يمكن يكونوا من القسم الأول أو من القسم الآخر؟