للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإسلام -بلا شك- لا يُحَرِّم على المسلم أن يتعاطى الأسباب الجائزة شرعاً، ليس فقط للمحافظة على المال، بل والمحافظة على الصحة، ونحو ذلك .. ولكن إذا ما كانت الأسباب مخالفة للشرع، حينذاك يقال كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «يا أيها الناس اتقوا الله عز وجل، فإن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، فأجملوا في الطلب، فإن ما عند الله لا يُنال بالحرام» .. فإن ما عند الله لا يُنال بالحرام، ولا شك أنه لا فرق في الفقه الإسلامي، بين مسلم يتخذ وسيلة محرمة لتحصيل الرزق، أظن هذه واضحة في أذهانكم، لكن هذه أُريد أن أتخذها سُلّماً.

فأقول: إذا كان الأمر كذلك، أنه لا يجوز للمسلم أن يتخذ وسيلةً محرمةً شرعاً لتحصيل الرزق، كذلك لا يجوز له أن يتخذ وسيلةً محرمة للمحافظة على الرزق، واضح هذا؟ طيب.

وهذا ضد القاعدة الصهيونية والتي يتبناها كثير من الإسلاميين اليوم وهي: الغاية تُبَرّر الوسيلة، فسؤالك الآن إذا لخصناه: هل هذه الوسيلة جائزة ألا وهي إيداع المال الكثير في البنوك؛ خشية أن يُسرق؟ فالجواب واضح؛ لأنه وسيلة محرمة.

فإذاً نقول: لكل من أراد أن يتخذ هذه الوسيلة؛ للمحافظة على ماله، مثله مثل من يتخذ وسيلة محرمة لتحصيل رزقه، ولا فرق بينهما إطلاقاً، إن كان يجوز استحلال ما حَرَّم الله من الوسائل لتحصيل الرزق، جاز استحلال ما حرّم الله عز وجل من الوسائل للمحافظة على الرزق ..

طبعاً هذا لا يجوز وهذا لا يجوز، إنما الفرق هي الغفلة، وشعور الناس حتى بعض المفتين؛ لأن المسلمين اليوم لم يعودوا مؤمنين حقاً، فليس عندهم استعداد نفسي إيماني ليقال للغني الثري يا أخي تعاط الوسائل الممكنة لحفظ مالك.

أنا أقول في مثل هذه المسألة، وقلت ذلك لَمّا قُدِّر لي الذهاب لزيارة بعض البلاد الأوروبية ومنها بريطانيا، فكنا نعقد هناك بعض المجالس وكان المسلمون الذين استوطنوا تلك البلاد أو سافروا إليها لأيام أو شهور أو سنين، يقولون يا

<<  <  ج: ص:  >  >>