وإذا فيها رجل يعمل فيها، فسلم عليه باسمه وهو رجل غريب عن تلك الأرض، فرد عليه السلام واستغرب منه كيف عرفه، فقص عليه القصة، أنني بينما كنت أمشي في الصحراء سمعت صوتاً من السحاب اسق أرض فلان، فسرت والسحاب حتى رأيته أفرغ الماء عندك، فبم ذاك؟ قال: والله لا شيء عندي سوى أن عندي هذه الأرض فأزرعها وأخدمها وأحصدها، ثم أجعل حصيدها ثلاثة أثلاث .. ثلث أعيده إلى الأرض، وثلث أنفقه على نفسي وعيالي، والثلث الآخر أتصدق به على جيراني والفقراء من حولي، قال له: هو ذاك .. هو ذاك.
فالآن من كان يؤمن بالله ورسوله حقاً وصدقاً، إذا اتخذ الوسائل المشروعة في المحافظة على ماله، أتُرى أن الله يخيب ظنه فيه؟ حاشا لله، لكن أين هذا الإيمان؟
أنا أقول مثلاً: ما فيه مانع إذا كان مليونير أنه يتخذ غرفة حديد .. غرفة حديد ويحط حوله من الحُرّاس براتب ومعاش، خير له بكثير من أن يودع هذا المال في البنوك الذي تستغله، وليتها تستغل هذا المال لصالحها المادي، وإنما لتضرب به المسلمين في عقر دارهم، لا شك أن هذا خير دينًا ودنيا؛ لأن هذا الرجل الذي اتخذ غرفة لنقول حديدية ووضع عليه ما يطمئن عليه من الحراس، وآتاهم أجراً، فهذا ربنا عز وجل يبارك له في ماله، وليس كالذي يتعامل بالربا سواء كان أكلاً أو إيكالاً إطعاماً .. لا فرق بين هذا.
فكلنا يعلم قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه» والحقيقة وهذا من سنة الله الكونية، كما قال الشاعر قديماً: وما معظم النار إلا من مستصغر الشرر، وكما قيل أول الغيث قطر ثم ينهمر.
فالآن في البلاد السعودية لا فرق بينها وبين البلاد العربية الأخرى، حيث انتشرت فيها البنوك كانتشارها في كل البلاد، لا شك أن هذا الانتشار له مقدمات من فتاوى تصدر تُشَجِّع هذا العمل، وأول التشجيع أنه أنت ضع مالك لكن لا تأخذ ربا، وليتهم يسمون الربا ربا كما سمَّاه الله عز وجل وإنما يسمونه بماذا؟