رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي تولى بيان القرآن، قال خلاف ما يقول هؤلاء الذين جاء في السؤال أنهم من العلماء، ماذا قال الله؟ قال الله عز وجل {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢] فمن يشك، لا أقول: من يشك من أهل العلم، بل ولا أقول من يشك من طلبة العلم، بل هل هناك مسلم ذي عقل، يشك بأن الذي يعمل موظفا في البنك، هو يعين البنك على أكل أموال الناس بالباطل، وعلى أكل ما حرم الله، لا أظن أحدًا يشك في هذه الحقيقة، وإلا لم يكن في قدرته أن يفهم معنى:{وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.
التعاون على الإثم غير ارتكاب الإثم مباشرة، يعرفها لا أقول أهل العلم بل طلاب العلم المبتدئين.
إليكم الآن من بيان الرسول عليه الصلاة والسلام، المتعلق بمثل هذه الآية {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢].
أكل الربا لا شك فيه عند أحد المسلمين إطلاقا، أنه من الكبائر، وأن شرب الخمر أو إدمانه أنه من المحرمات، إن لم يكن أيضا من الكبائر، فالذي يأكل الربا فهو وقع في الكبيرة الذي يشرب الخمر كذلك.
تُرَى لو لم يكن هناك التعاون على المنكر، هل استطعتم أن تجدوا مرابيا يأكل أموال الناس بطريق الربا؟ لا، هل كنتم تجدون شاربًا للخمر، إذا لم يكن هناك متعاونون على المنكر؟ الجواب لا، والدليل من السنة أن تبين القرآن «لعن الله في الخمرة عشرة» يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله في الخمرة عشرة» فأول ما ذكر عليه السلام «شاربها» شاربها ثم عطف على ذلك بقية العشرة قال: «ساقيها» ومستقيها، وعاصرها ومعتصرها، وبايعها، وشاريها وحاملها، والمحمول إليه.
كل هؤلاء لم يشربوا الخمر، لكنهم هم السبب في وجود شارب الخمر، لو لم يكن مثلا بائع العنب لمن يعصرها خمرا لم يوجد خمر في الدنيا، إذًا {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢] يُلعن شرعا الذي لا يشرب الخمر ما دام أنه يعين شارب الخمر أن يهيئ الأسباب ليتمكن من شرب الخمر.