للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مداخلة: الحكم واحد.

الشيخ: المهم الوظيفة التي يقوم بها مشروعة أم لا، والمال الذي يأخذه راتباً له جائز أم لا.

أما ما تفعله الدولة التي تحكم بغير ما أنزل الله، فلسنا مسؤولين، ولسنا نستطيع أن نُغَيِّر الحكم كما يريد بعض الناس اليوم، ما بين عشية وضحاها.

بل لا بد من الاستعداد لهذا التغيير أمداً طويلاً بعيداً؛ لأننا نعلم علماً يقيناً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي كان ممدوداً بوحي السماء في كل لحظة، استمر في إصلاحه لقومه ثلاثاً وعشرين عاماً، حتى تَمَكَّن من وضع بذرة الدولة المسلمة، فماذا يتمكن المسلمون اليوم أن يفعلوا وقد ذهب نبيهم من بين ظهرانيهم، وإن كان قد ترك لكم ما قال عليه السلام في الحديث الصحيح: «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض».

صحيح، وهذا من فضل الله علينا وعلى الناس، أنه كما قال في حديث آخر: «تركتكم على بيضاء نقية لا يزيغ عنها إلا هالك».

ولكننا بسبب ما اقترف بعض من تَقَدّمنا من رواية الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وخلطها بالأحاديث الصحيحة الثابتة من جهة، وما اختلط بالعقيدة الصحيحة من التوحيد في الأسماء والصفات ونحو ذلك من العقائد، مما لا صلة لها بالعقيدة الصحيحة، وما خالط السلوك الإسلامي من انصراف عن السلوك النبوي، وغير ذلك من الآفات.

لا يمكن لجماعة مسلمةٍ تَوَحَّدت أفكارها أولاً، وتَوَحَّدت أخلاقُها ثانياً، حتى صاروا على قلب رجل واحد.

لا يمكنهم أبداً أن يقيموا دولة الإسلام، وأن يجعلوها حقيقةً تمشي على وجه الأرض، إلا بعد إجراء ما أُسَمِّيه بالتصفية والتربية، تصفية الإسلام مما دخل فيه من هذه الأمور التي أشرنا إليها، وقرن هذه التصفية بتربية المسؤولين من المسلمين من

<<  <  ج: ص:  >  >>