للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣ - عن ثوبان -رضي الله عنه- قال: جاءت بنت هبيرة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي يدها فتخ من ذهب [أي: خواتيم كبار] فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يضرب يدها بعصية معه يقول: «أيسرك أن يجعل الله في يدك خواتيم من نار؟ »، الحديث.

ففي هذه الأحاديث دلالة على جواز كشف المرأة عن وجهها وكفيها فهي تؤيد حديث عائشة المتقدم وتبين أن ذلك هو المراد بقوله تعالى: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١] كما سبق «ص ٥١» على أن قوله تعالى فيما بعد: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: ٣١] يدل على ما دلت عليه بعض الأحاديث السابقة من عدم وجوب ستر المرأة لوجهها؛ لأن «الخمر» جمع خمار وهو ما يغطى به الرأس. و «الجيوب» جمع «الجيب»، وهو موضع القطع من الدرع والقميص وهو من الجوب وهو القطع فأمر تعالى بلَيِّ الخمار على العنق والصدر فدل على وجوب سترهما ولم يأمر بلبسه على الوجه فدل على أنه ليس بعورة، ولذلك قال ابن حزم في «المحلى» «٣/ ٢١٦ - ٢١٧»: «فأمرهن الله تعالى بالضرب بالخمار على الجيوب وهذا نص على ستر العورة والعنق والصدر وفيه نص على إباحة كشف الوجه لا يمكن غير ذلك».

وإسناده صحيح، رغم أنف المكابرين من الجمهوريين والمتبعين لأهوائهم، وقد صححه ابن حزم والحاكم والذهبي والمنذري والعراقي؛ كما حققته في «آداب الزفاف» «ص ١٧ - ٣٠ - ط. عمان»، ثم رأيت ابن القطان في «الوهم والإيهام» «١/ ٢٧٨/ ٢» قد مال إلى تصحيحه أيضًا.

وقوله: «وهو ما يغطي به الرأس»: كذا في «النهاية» لابن الأثير، و «تفسير الحافظ ابن كثير»، و «فتح القدير» للشوكاني، وغيرهم من أهل العلم والمعرفة باللغة العربية وآدابها، وقال الحافظ في «الفتح» «٨/ ٤٩٠»: «والخمار للمرأة كالعمامة للرجل».

وهو أمر لا نعلم فيه خلافًا، ولا ينافيه ما جاء في ترجمة القاضي أبي علي التنوخي أنه أنشد:

<<  <  ج: ص:  >  >>