قلت: فهذا نص في وجوب وضع الجلباب على الخمار على جميع النساء إلا القواعد منهن «وهن اللاتي لا يطمع فيهن لكبرهن» فيجوز لهن أن لا يضعن الحجاب على رؤوسهن.
أفما آن للنساء الصالحات حيثما كن أن يتنبهن من غفلتهن ويتقين الله في أنفسهن ويضعن الجلابيب على خمرهن؟ !
ومن الغريب حقًّا أن لا يتعرض لبيان هذا الحكم الصريح في الكتاب والسنة كل الذين كتبوا اليوم -فيما علمت- عن لباس المرأة مع توسع بعضهم على الأقل في الكلام على أن وجه المرأة عورة مع كون ذلك مما اختلف فيه والصواب خلافه كما تراه مفصلًا في هذا الكتاب والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
ثم إن قوله:«والجلابيب عند الخروج» لا مفهوم له إذ إن الجلباب لستر زينة المرأة عن الأجانب فسواء خرجت إليهم أو دخلوا عليها فلا بد على كل حال من أن تتجلبب ويؤيد هذا ما قاله قيس بن زيد: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلق حفصة بنت عمر. .. فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل عليها، فتجلببت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن جبريل أتاني فقال لي: أرجع حفصة فإنها صوامة قوامة وهي زوجتك في الجنة" [حسن لغيره].
هذا ولا دلالة في الآية على أن وجه المرأة عورة يجب عليها ستره بل غاية ما فيها الأمر بإدناء الجلباب عليها وهذا كما ترى أمر مطلق فيحتمل أن يكون الإدناء على الزينة ومواضعها التي لا يجوز لها إظهارها حسبما صرحت به الآية الأولى وحينئذ تنتفي الدلالة المذكورة ويحتمل أن يكون أعم من ذلك فعليه يشمل الوجه. وقد ذهب إلى كل من التأويلين جماعة من العلماء المتقدمين وساق أقوالهم قي ذلك ابن جرير في «تفسيره» والسيوطي في «الدر المنثور» ولا نرى فائدة كبرى بنقلها هنا فنكتفي بالإشارة إليها ومن شاء الوقوف عليهما فليرجع إليهما ١.