١ - عن عاصم الأحول قال:«كنا ندخل على حفصة بنت سيرين وقد جعلت الجلباب هكذا: وتنقبت به فنقول لها: رحمك الله قال الله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} -هو الجلباب- قال: فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك؟ فنقول:{وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ} فتقول: هو إثبات الحجاب».
قوله تعالى:{ثِيَابَهُنَّ}: اختلفت أقوال المفسرين في المراد من هذه الكلمة. فالأكثرون على أنه «الجلباب»؛ كما قالت حفصة هذه. ورواه ابن جرير «١٨/ ١١٤» عن ابن مسعود وابن عباس وغير واحد من التابعين، وصححه القرطبي.
وقال جابر بن زيد «وهو ثقة مات سنة ٩٣ هـ»: إنه «الخمار». رواه ابن جرير، وأبو بكر الجصاص «٣/ ٤١١»، ولعل مستنده ما في «القرطبي»: «والعرب تقول: امرأة واضع؛ للتي كبرت، فوضعت خمارها».
ويؤيده أن هذه الآية ذكرها الله في سورة النور بعد آية أمر النساء بالخمر المتقدمة، وهي مطلقة، فكأن الله تعالى أراد تقييدها، فأورد هذه في السورة ذاتها. والله أعلم.
ثم رأيت ابن عباس -رضي الله عنهما- قد صرح بهذا المعنى، وأن آية «القواعد» مستثناة من آية «الخمر».
رواه أبو داود «٤١١١»، والبيهقي «٧/ ٩٣» بسند حسن عنه.
فالظاهر أن جابر بن زيد تلقى ذلك عن ابن عباس؛ فإنه -رحمه الله- من المكثرين عنه، ولعل هذا هو الأليق بلفظ:«ثيابهن»؛ فإنه جمع، وقد رأيت الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله- قد تنبه لهذا، فقال في «تفسيره»«٥/ ٤٤٥»، فقال:«أي الثياب الظاهرة كالخمار ونحوه الذي قال الله فيه للنساء: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}».
وسبقه إلى هذا الحافظ أبو الحسن بن القطان في «النظر إلى أحكام النظر».