فإن قلت: فإذا كان الأمر كما ذكرت وكانت القبطية ثخينة فما فائدة الغلالة؟
قلت: فائدتها دفع ذلك المحذور؛ لأن الثوب قد يصف الجسم ولو كان ثخينًا إذا كان من طبيعته الليونة والانثناء على الجسد كبعض الثياب الحريرية والجوخ المعروفة في هذا العصر فأمر - صلى الله عليه وسلم - بالشعار من أجل ذلك. والله تعالى أعلم.
وقد أغرب الشافعية فقالوا:«أما لو ستر اللون ووصف حجم الأعضاء فلا بأس كما لو لبس سروالًا ضيقًا».
قالوا:«ويستحب أن تصلي المرأة في قميص سابغ وخمار وتتخذ جلبابًا كثيفًا فوق ثيابها ليتجافى عنها ولا يتبين حجم أعضائها» ١.
والقول بالاستحباب فقط ينافي ظاهر الأمر فإنه للوجوب كما تقدم وعبارة الإمام الشافعي -رضي الله عنه- في «الأم» قريب مما ذهبنا فقد قال: «١/ ٧٨»: «وإن صلى في قميص يشف عنه لم تجزه الصلاة. .. فإن صلى في قميص واحد يصفه ولم يشف كرهت له ولا يتبين أن عليه إعادة الصلاة. .. والمرأة في ذلك أشد حالًا من الرجل إذا صلت في درع وخمار يصفها الدرع وأحب إلي أن لا تصلي إلا في جلباب فوق ذلك وتجافيه عنها لئلا يصفها الدرع».
وقد قالت عائشة رضي الله عنها:«لا بد للمرأة من ثلاثة أثواب تصلي فيهن: درع وجلباب وخمار، وكانت عائشة تحل إزارها فتجلبب به» ١. [إسناده صحيح على شرط مسلم].
وإنما كانت تفعل ذلك لئلا يصفها شيء من ثيابها وقولها:«لا بد» دليل على وجوب ذلك وفي معناه قول ابن عمر رضي الله عنهما: «إذا صلت المرأة فلتصل في ثيابها كلها: الدرع والخمار والملحفة». [سنده صحيح].