يغطين بجلابيبهن هذا مستحيل؛ لأن ذلك يعني تعمية الطريق عليها، والقول بأنها تضع نظارة مثلاً هذا النظارة لم تكن في تلك العصور، ولم يكن المنديل هذا الشفاف أيضاً معروفاً؛ ولذلك لم يكن معروفاً عند العرب في الجاهلية في الإسلام الأول إلا الانتقاب، أي: لا بد لأجمل امرأة في الدنيا أن تكشف عن أجمل ما في وجهها لترى طريقها ألا وهي عيناها.
فإذا عرفت هذا الحديث:«لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين» .. رخصة إن شاءت سترت، وإن لم تشأ لم تستر، والستر أفضل، رأيت؟ فحينما تربى النساء بهذا الفقه المعتدل لا إفراط ولا تفريط جاء وقت الحج أو العمرة فإذا قيل لها: لا تستري وجهك ما تستوحش؛ لأنها معتادة .. لأنها ثقفت من قبل ربما تكشف عن وجهها أحياناً وهي غير حاجة ولا هي معتمرة، فحينما يقال لها: اكشفي عن وجهك لأن الشرع يقول فرض عليك ما دمت محرمة أن تكشفي وجهك وعن كفيك؛ ولذلك أنا لمست لمس اليد هذه الحكمة:«إن لكل عمل شرة» والمثل العامي: كثرة الشد يرخي .. أنا اعتمرت منذ أسابيع وكانت معي زوجتي فكنا نرى المحرمات متنقبات، وأنا بنفسي رأيت شاباً يسعى بين الصفا والمروة وأنا خلفه وقع بصري عليه وبجانبه زوجه وهي متمندلة فاقتربت من زوجها وقد كشف عن منكبه:
[قلت]: السلام عليكم.
[قال]: وعليكم السلام.
قلت: إن شاء الله يبدو أنك تؤدي العمرة؟
قال: نعم.
قلت: كشفك المنكب الآن هذا لا أصل له في السنة، وهذه أيضاً تراها في الحجاج والمعتمرين دائماً وأبداً بينما كشف المنكب إنما هو في طواف القدوم فقط، أما الطوافات الأخرى لا يشرع فيها كشف المنكب فضلاً عن السعي بين الصفا والمروة لقنته هذا الحكم،