فإذاً: يستريح من إثبات الاضطراب وانتهى الأمر، لأنه الاضطراب هو سبب لإثبات الضعف، لكن إذا كان الضعف ثبت بغيره، فلم يبق هناك حاجة، وبخاصة لم يبق هناك حاجة للتشبث في قضية الاضطراب، وبخاصة حينما يريد أن يجادل من لا يرى ضعف الحديث، واضح الكلام؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: طيب! لكني أنا أريد أن ألفت النظر إلى أنه الذين كتبوا في هذه المسألة، ولا شك أن هذه الكتابة من كل من كتبوا فيها، كان المحرك لهم هو كتاب حجاب المرأة المسلمة، هم ما سلكوا الطريق العلمي الحديثي، حينما صرَّحوا بتضعيف هذا الحديث، أولاً جمهورهم وقفوا عند حديث أبي داود، ولم يُعَرِّجوا على حديث البيهقي الذي إسناده فيه ابن لهيعة، وحديث أبي داود يرويه عن عائشة، والبيهقي يرويه عن أسماء بنت أبي بكر، فالطريقان مختلفان كل الاختلاف من الصحابية وأنت نازل، على علم أن إسناد البيهقي وحده بعض حفاظ الحديث كالهيثمي وغيره بيحسنوه لذاته؛ لما هو معلوم من اختلاف في حديث ابن لهيعة، و «أحمد شاكر من كبار علماء الحديث في العصر الحاضر» يُصَحّح حديثه اضطراداً، نحن طبعاً لا نوافقه في هذا، بل لا نوافق الذي يحسن حديث ابن لهيعة إطلاقاً، لكننا نريد أن نلفت نظر هؤلاء الذين لا يقبلون على الأقل الاستشهاد بهذا الحديث، فإذا كان ليس صحيحاً وهو كذلك، وليس حسناً وهو كذلك، لكن ينبغي أن يستحضروا هذه الحقائق، أن هناك من يُحَسِّن حديث ابن لهيعة لوحده، فلا أقل من أن يعتبر شاهداً لحديث أبي داود، هذا مما لم يعرجوا عليه إطلاقاً، وهذا ليس بحسن من الناحية العلمية ولا من الناحية الأخلاقية.
ثانياً: وهذا الأمر يشبه البحث السابق في حديث فرأيته يُحَرِّكها، الإمام البيهقي صرح بتقوية هذا الحديث، وهم يستقلون في تضعيف الحديث، ولا يجدون لهم سلفاً في ذلك، ثم الذين يبحثون في تضعيف الحديث ليست لهم قدم راسخة في هذا العلم