ما ندعي بأننا سلفيون، أي: إننا نفهم الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح، ونحاول كذلك أن نعيد المجتمع السلفي الأول كلٌ بحسب استطاعته.
وأنا كنت أشرت إلى ما يشبه الجواب عن مثل هذا السؤال في مقدمة كتابي:«حجاب المرأة المسلمة». حين يقال أو يتساءل متسائل: هل من المصلحة نشر هذه المسألة؟ في الحقيقة هذا السؤال يقابل بسؤال مثله تماماً: هل من المصلحة كتمان العلم الشرعي؟ في ظني حينما يوجه السؤال بهذه الصورة الواضحة، سوف لا يستطيع أحد مهما سما من العلم أو في العلم أو انحط فيه أن يقول: نعم، يجوز كتمان العلم.
ولذلك: فيجب أن نفرق كل التفريق بين نشر العلم الواجب وبين التربية الواجبة، فحينما ننشر بين الناس علماً صحيحاً، وكان هذا العلم الصحيح مفضولاً وغيره فاضلاً. نعم.
فأقول يا حضرة الأخ: وصل بنا الحديث آنفاً، إلى أنه لا يستطيع أحد أن يقول بجواز كتمان العلم، فكما أنه ينبغي نشر العلم على وجهيه الصحيحين أن يقال مثلاً: المحافظة على السنن ليس فرضاً، ولكن ينبغي الحض عليها، كما جاء في كثير من الأحاديث، وأظن لا يخفى عليك شيء منها، كالحديث الذي يقول بأن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن تمت فقد أفلح وأنجح، وإن نقصت قال الله لملائكته: انظروا هل لعبدي من تطوع فتتم له به فريضته.
فلا يجوز إذا وجدنا الناس على مذهب ذاك الأعرابي، الذي قال للرسول عليه السلام كما في الحديث الصحيح حينما سأل النبي:«هل علي غيرهن؟ قال: لا، إلا أن تطوع. فقال عليه السلام: أفلح الرجل إن صدق، دخل الجنة إن صدق».
فإذا رأينا بعض الناس يتهاونون بالسنن وهذا موجود، فلا ينبغي نحن أن نبالغ في هذه السنن، ونرفعها إلى مصاف الفرائض، بل علينا أن نبين حكمها الذي ثبت شرعاً، وأن نحض الناس على الاهتمام بهذه السنة؛ لأنها أولاً سنة، ولأن فيها فضائل