أقول هذا آسفاً، لأن هذا الجواب يقوله من نعتقد فيهم العلم والتقوى، يقولون: إنه لم يأمرها أن تغطي وجهها؛ لأنها كانت مُحْرِمة، والمرأة المُحْرِمة لا يجوز لها أن تغطي وجهها، هذا كلام خطأ علمياً، المرأة المُحْرِمة لا يجوز لها الانتقاب، ليس لا يجوز لها تغطية الوجه، لأنه هنا كما يقول الفقهاء: فيه عموم وخصوص، يجوز للمرأة أن تغطي وجهها بأي شيء إلا النقاب، مثلاً وهذا وقع في حديث أسماء بنت أبي بكر، وعائشة أيضاً في رواية عنها: أنهن كُنَّ على الإبل وهن محرمات في الحج، فإذا مر بهن ركب قال: أسدلنا على وجوهنا، يعني: الفوطة هذه جلباب، تشده هكذا على وجهها هذا سدل، وهذا جائز بالنسبة للمرأة المحرمة، لكن لو عملت هكذا ولَفّت الخمار هذا حرام لا يجوز لها، مثل الرجل إذا وضع القلنسوة على رأسه، هذا لا يجوز.
لكن يجوز له أن يضع الشمسية على رأسه، أو الخيمة، عرفت كيف، فإذا قيل لهم بعد هذا التوضيح: لماذا لم يأمر الرسول عليه السلام هذه المرأة أن تغطي؟ يقولون: لا يجوز للمرأة أن تغطي وجهها، يا جماعة أنتم تعلمون، أنه يجوز لها أن تغطي وجهها بغير النقاب.
بعضهم يقول: كان الفضل ينظر إلى لباسها، وأنت تعرف لباس نساء العرب يومئذٍ شيء ينفر، أنا كما يقال: إن أنسى فلن أنسى، أول سفرة سافرتها إلى الحجاز وإلى البلاد السعودية، كنت ترى النساء النجديات لا تستطيع أن تقترب من إحداهن رغم أنفك، ولو كان لك هوى في إحداهن، لماذا؟ لأن الطرق غير معبدة، كلها ترابية رملية، وذيلها يجر الأرض ويثير القتار والغبار خلفها، فكأنه لسان حاله يقول: جَنَّب عني جَنَّب عني. فماذا ينظر الفضل، ما الذي حمله أن يوجه تلك النظرات إلى هذه المرأة، إذا كانت مغطية رأسها ووجها إلى أخمص قدميها؟ هذا تكلف عجيب.