للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: فإذا هي لقيت شاباً فتبادره بالسلام قبل الشاب، يصير في مسابقة، هذا من مضمون السؤال بالطبع.

فأقول: لا بد قبل أن أقول يجوز أو لا يجوز، أن أذكر بقاعدة هامة جداً؛ ليتمكن بها طالب العلم من التفقه في الدين.

هذه القاعدة هي: أن النصوص العامة التي جاءت في السنة، فينبغي تطبيقها على النحو الذي طبقت به، أو طبق ذلك الحديث في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا ينبغي أن نأخذ من الحديث معنىً جديداً، لم يجر عليه عمل السلف الأول.

أنا أضرب لكم مثلاً، من عادتي أن أذكره لبعض إخواني في مثل هذه المناسبة: كل المصلين الذين أنعم الله عليهم، بأن يؤدوا فرائضهم في مساجد المسلمين، حينما يأتون المسجد يدخل الواحد منهم، ويصلي السنة القبلية وحده، وتجد المسجد فيه العشرات من المسلمين، واحد هنا، وواحد هنا، وواحد هنا، هذا يركع، هذا ينهض .. الخ، أعني يصلون فرادى، لا يصلون جماعة، فلو أن واحداً من هؤلاء قال للجماعة: يا جماعة تعالوا نصلي جماعة، أحسن ما نصلي متفرقين، تعالوا نصلي جماعة، وقد قال عليه السلام: «يد الله على الجماعة» حديث صحيح، بل قال ما هو أصرح من ذلك بمثل هذه المناسبة، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاة الثلاث أزكى من صلاة الرجلين .. » وهكذا، كلما كثر العدد كثرة الأجر.

فلو أن قائلاً استدل على ما أراده [بهذا، فهل أصاب]؟

الجواب: لا. فهذه القاعدة يدخل تحتها مئات المسائل، وهي: كل نص يتضمن أجزاء كثيرة، بعض هذه الأجزاء التي تؤخذ من عموم النص، لم يجر عمل السلف عليه، فلا يجوز العمل به، وهو من الابتداع في الدين، وبسبب غفلة جماهير المسلمين في القرون المتأخرة، عن هذه القاعدة الهامة، أحدثوا في الدين من البدع ما أضاعوا بها كثيراً من السنن؛ مصداقاً لقول بعض السلف: ما أحدثت بدعة إلا وأميتت سنة.

أي شخص منكم، سواء كان مقتنعاً بعموم قوله عليه السلام: «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» ...

<<  <  ج: ص:  >  >>