«ولا والله ما مست يده - صلى الله عليه وسلم - يد امرأة قط في المبايعة ما بايعهن إلا بقوله: قد بايعتك على ذلك». أخرجه البخاري.
وأما قول أم عطية رضي الله عنها:«بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأ علينا أن لا يشركن بالله شيئا ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأة يدها، فقالت: أسعدتني فلانة .... ». الحديث أخرجه البخاري فليس صريحا في أن النساء كن يصافحنه - صلى الله عليه وسلم - فلا يرد بمثله النص الصريح من قوله - صلى الله عليه وسلم - هذا وفعله أيضا الذي روته أميمة بنت رقيقة وعائشة وابن عمر كما يأتي. قال الحافظ:«وكأن عائشة أشارت بذلك إلى الرد على ما جاء عن أم عطية، فعند ابن خزيمة وابن حبان والبزار والطبري وابن مردويه من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن عن جدته أم عطية في قصة المبايعة، قال: فمد يده من خارج البيت ومددنا أيدينا من داخل البيت، ثم قال: اللهم أشهد. وكذا الحديث الذي بعده حيث قالت فيه: «قبضت منا امرأة يدها، فإنه يشعر بأنهن كن يبايعنه بأيديهن. ويمكن الجواب عن الأول بأن مد الأيدي من وراء الحجاب إشارة إلى وقوع المبايعة وإن لم تقع مصافحة. وعن الثاني بأن المراد بقبض اليد التأخر عن القبول، أو كانت المبايعة تقع بحائل، فقد روى أبو داود في «المراسيل» عن الشعبي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين بايع النساء أتى ببرد قطري فوضعه على يده وقال: لا أصافح النساء .... ». ثم ذكر بقية الأحاديث بمعناه وكلها مراسيل لا تقوم الحجة بها. وما ذكره من الجواب عن حديثي أم عطية هو العمدة على أن حديثها من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن ليس بالقوي لأن إسماعيل هذا ليس بالمشهور وإنما يستشهد به كما بينته في «حجاب المرأة المسلمة»«ص ٢٦ طبع المكتب الإسلامي».
وجملة القول أنه لم يصح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه صافح امرأة قط حتى ولا في المبايعة فضلا عن المصافحة عند الملاقاة، فاحتجاج البعض لجوازها بحديث أم عطية الذي ذكرته مع أن المصافحة لم تذكر فيه وإعراضه عن الأحاديث الصريحة في تنزهه - صلى الله عليه وسلم - عن المصافحة لأمر لا يصدر من مؤمن مخلص، لاسيما وهناك الوعيد الشديد فيمن يمس امرأة لا تحل له كما تقدم في الحديث «٢٢٩». ويشهد لحديث أميمة بنت رقيقة