الأولى: أنه خلاف ما تدل عليه الأحاديث بإطلاقها، ومنها حديث عائشة الذي أوردته آنفاً:« .. النامصة والمتنمصة» فإنه بإطلاقه يشمل النمص في أي مكان وقع من جسدها، وتقييده بمثل هذا الأثر عنها لا يجوز لعدم ثبوته.
الثانية: أن التفسير المذكور خلاف اللغة، ففي القاموس:«النمص: نتف الشعر، ولعنت «النامصة» وهي مزينة النساء بالنمص، و «المتنمصة» وهي الزينة به».
الثالثة: أن قول أبي داود المذكور إنما خرج مخرج الغالب، ولم يرد به حصر النمص بالحاجب فقط، وتمام كلامه في «السنن» يدل على ذلك، فإنه قال عقب ما نقله المصنف عنه: «والواشمة: التي تجعل الخيلان (١) في وجهها بكحل أو دواء».
افتراه: يعني إذا جعلت نحو ذلك في يدها مثلاً لا تكون واشمة؟ كلا، وإنما ذلك منه على الغالب كما ذكرنا، وهو ما صرح به الحافظ في الفتح، فإن قال «١٠/ ٣١٣» بعد أن ذكر قول أبي داود هذا: «وذكر الوجه للغالب، وأكثر ما يكون في الشفة، وسيأتي عن نافع في آخر الباب الذي يليه أنه يكون في اللثة، فذكر الوجه ليس قيداً، وقد يكون في اليد وغيرها من الجسد».
وإذا تبين هذا، فلا اختلاف بين قول أبي داود المتقدم في «النامصة» وبين قول ابن الأثير في «النهاية»: «والنامصة: التي تنتف الشعر من وجهها» لأنه ليس على سبيل الحصر والتقييد، بل كل من نتف الحاجب، والوجه هو النمص، فهي نامصة، ولذلك أشار الحافظ أيضاً في الفتح إلى تضعيف تقييد النمص بالحاجب، فقال «١٠/ ٣١٧» بعد أن ذكر معنى ما نقلته عن النهاية:
«ويقال أن النماص يختص بإزالة شعر الحاجبين لترفيعهما أو تسويتهما».