فيتصور مسلماً يعيش من يوم أن بلغ سن التكليف، وذلك يظهر بأمارات وعلامات كثيرة بالنسبة لسن البلوغ، بعضها ظاهر أحياناً وبعضها خفي، الظاهر مثلاً: صوت الغلام يصير جهوري حينما يبلغ سن الرجال، أما الشيء الخفي وهذا أوضح في الدلالة على البلوغ، هو نبات شعر العانة.
ولذلك جاء في السنة الصحيحة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حارب يهود بني قريظة، ونصره الله تبارك وتعالى عليهم، فنزلوا على حكم سعد بن معاذ الأنصاري، لأنه كان حليفاً لهم، فجاء سعد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو جريح على دابته، كان قد أصيب في أكحله في عضده، جاء ليحكم بين النبي - صلى الله عليه وسلم - واليهود، حيث رضوه حكماً، حكم بأن يقتل رجالهم، وتسبى نساؤهم وأطفالهم، قال أحدهم، لحظة ما اسمه الذي من بني قريظة الصبي الذي نجي من القتل، ما عرفوا هل هو بالغ سن التكليف حتى يلحق بالرجال فيقطع رأسه، أم يلحق بالنساء السبايا؛ لأنه لم يبلغ سن التكليف، فكشفوا عن عورته، فما وجدوه أنبت فنجا من القتل، وصار مسلماً ويروى الحديث الآن عنه، نسيت اسمه، القرظي فلان القرظي.
مداخلة: محمد بن جعفر القرظي.
الشيخ: يمكن يكون هو.
الشاهد: فهذا الشعر الذي أنبته الله عز وجل في ذلك المكان؛ لحكمة سمعتم آنفاً شيئاً منها، جعل من الفطرة حلقها، فأنا لا أتصور إنساناً يفكر في عاقبة قول من يقول أن هذا الحلق هناك وذاك النتف هنا، هو سنة إن فعل أثيب وإن ترك لم يأثم، كيف نتصور ولد من يوم بلغ سن التكليف وبدأ شعر إبطيه ينبت ويطول، وشعر عانته كذلك، حتى يموت سن الستين أو السبعين يكون صار له لحى بدل لحية واحدة لحيتين تحت الإبطين، ولحية أطل ما تكون هناك، مش معقول هذا الكلام، إضافة إلى ذلك صورة أخرى: من الفطرة قص الأظافر، فلو قيل إن هذا سنة، فترك أظافره ومع قصها أبد الحياة، هذا صار وحش ليس إنسان، فيكفي تصور هذا القول أن نحكم بأنه باطل.
ولذلك أنا قلت أكثر من مرة: هناك حكمة إنجيلية، يذكرون في الإنجيل بأن عيسى عليه الصلاة والسلام كان يعظ ويذكر حواريه ذات يوم، فكان من جملة ما ذكر لهم أنه سيأتي