الشيخ: الجواب: توبته تُجزيه وتُفيده إذا كانت توبةً نصوحاً بشروطها المعروفة عند الفقهاء، ولا يجب عليه القضاء، بل نقول: ربما شيئاً لم تسمعه بعدُ بهذه الصراحة: لا يجوز له قضاؤها.
لأن القول بوجوب القضاء تشريع، والتشريع ليس لأحد منه نصيب، فإنه [خاص] برب العالمين تبارك وتعالى، كما يستفاد من مثل قوله تعالى:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}[الشورى: ٢١].
نحن لا ننكر أن علماءً كبارًا قالوا بوجوب القضاء، ولكن لما كان هؤلاء العلماء الكبار من علمهم وفضلهم أنهم وَجَّهوا الأمة كلها إلى وجوب الرجوع عند التنازع إلى كتاب الله وإلى حديث رسول الله كما هو صريح القرآن، فلما فعلنا واستجبنا لهم فيما به نصحونا، لم نجد عندهم دليلاً ملزماً بما ذهبوا إليه من القول بوجوب القضاء على أن بعض المتقدمين منهم لا يُصَرِّحون بالوجوب، وإنما يقولون: يقضي.
والأدلة التي يستدلون بها لا تنهض بدعواهم، بل هي تنقلب عليهم عند إمعان النظر فيها .. في هذه الأدلة، فمثلاً ولا نطيل في هذا محافظةً على الوقت .. يقول بعضهم: الدليل على قوله عليه السلام: «من نسي صلاةً أو نام عنها، فلْيُصَلِّها حين يذكرها».
يقولون: إذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الناسي والنائم بالقضاء فلأن يأمر المتعمد من باب أولى.
نحن نقول: هذا قياس معكوس تماماً؛ لأن الناسي والنائم مرفوع عنهما القلم، فكيف يُقَاس عليهما من لم يرفع عنه القلم؟ !
وهذا القياس في الواقع هو كما يقول ابن حزم مع مبالغته المعهودة بأنه ينكر القياس جملة وتفصيلاً، لكنه أحياناً حينما يناقش القياسيين يقول: وهذا قياس،