وفي سنده عبد الله بن صالح وفيه ضعف، لكن رواه ابن سعد في «الطبقات»«٣/ ١ / ٢٥٦ - ٢٥٨» من طريق أخرى بسند صحيح عن سعيد، وظاهره الإرسال لأنه كان صغيرا لما قتل عمر، كان عمره يومئذ دون التاسعة، ويبعد لمن كان في مثل هذه السن أن يتلقى هذا الخبر عن صاحب القصة مباشرة وهو عبيد الله بن عمر، ثم لا يسنده عنه، فإن كان سمعه منه أو من غيره ممن أدرك القصة من الثقات فالسند صحيح، وإلا فلا، لجهالة الواسطة، اللهم إلا عند من يقول بأن مراسيل سعيد حجة.
وعلى كل حال فليس في القصة نص على أن المسلم يقتل بالذمي لأن عثمان والمهاجرين الذين أرادوا قتله لم يصرحوا بأن ذلك لقتله جفينة النصراني، كيف وهو قد قتل مسلمين معه: ابنة أبي لؤلؤة، والهرمزان فإنه كان مسلما كما رواه البيهقي، فهو يستحق القتل لقتله إياهما، لا من أجل النصراني والله أعلم. وأما أثر علي، فهو نحوأثر عمر، إلا أن فيه:«فجاء أخوه «أي القتيل» فقال: قد عفوت، فقال: لعلهم فزعوك أو هددوك؟ قال: لا ... ».
فهذا إسناده ضعيف، ضعفه الزيلعي «٤/ ٣٣٧» وغيره، وأعلوه بأن فيه حسين بن ميمون، قال أبو حاتم: ليس بالقوي في الحديث، وذكره البخاري في «الضعفاء»، وفيه أيضا قيس بن الربيع وهو ضعيف. على أنه بالإضافة إلى ضعف إسناده، فإنه مخالف لحديثه المتقدم «لا يقتل مسلم بكافر» ولهذا قال الزيلعي: قال الشافعي: فيه دليل على أن عليا لا يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا يقول بخلافه». فتبين أن هذه الآثار لا يثبت شيء منها، فلا يجوز الاستدلال بها، هذا لو لم تعارض حديثا مرفوعا؟ فكيف وهي معارضة لحديث علي المذكور؟ ! فهذا يبين لك بوضوح أثر الأحاديث الضعيفة بحيث أنه استبيح بها دماء المسلمين! وعورضت بها الأحاديث الصحيحة الثابتة عن سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم -.