الصلاة التي تعمد صاحبها إخراجها عن وقتها، فلا يكفرها أن يصليها بعد وقتها، لأنه لا عذر له، والله عز وجل يقول:{إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}، وليس هو كالذى نام عنها أو نسيها، فهذا معذور بنص الحديث، ولذلك جعل له كفارة أن يصليها إذا تذكرها. ألست ترى أن هذا المعذور نفسه إذا لم يبادر إلى الصلاة حين التذكر فلا كفارة له بعد ذلك، لأنه أضاع الوقت الذي شرع الله له أن يتدارك فيه الصلاة الفائتة. فإذا كان هذا هو شأن المعذور أنه لا قضاء له بعد فوات الوقت المشروع له، فمن باب أولى أن يكون المتعمد الذي لم يصل الصلاة في وقتها وهو متذكر لها مكلف بها أن لا يكون له كفارة. وهذا فقه ظاهر لمن تأمله متجردا عن التأثر بالتقليد ورأي الجمهور. ومما سبق يتبين خطأ بعض المتأخرين الذي قاسوا المتعمد على الناسي فقالوا:«إذا وجب القضاء على النائم والناسي مع عدم تفريطهما فوجوبه على العامد المفرط أولى»! مع أن هذا القياس ساقط الاعتبار من أصله، لأنه من باب قياس النقيض على نقيضه، فإن العامد المتذكر ضد الناسي والنائم. على أن القول بوجوب القضاء على المتعمد ينافي حكمة التوقيت للصلاة الذي هو شرط من شروط صحة الصلاة، فإذا أخل بالشرط بطل المشروط بداهة، وقول شيخ الشمال في نشرة له في هذه المسألة «أن المصلي وجب عليه أمران: الصلاة، وإيقاعها في وقتها، فإذا ترك أحد الأمرين بقي الآخر».
فهذا مما يدل على جهل بالغ في الشرع، فإن الوقت للصلاة ليس فرضا فحسب، بل وشرط أيضا، ألا ترى أنه لو صلى قبل الوقت لم تقبل صلاته باتفاق العلماء. لكن كلام الشيخ المسكين يدل على أنه قد خرق اتفاقهم بقوله المتقدم، فإنه صريح أنه لو صلى قبل الوقت فإنه أدى واجبا، وضيع آخر! وهكذا يصدق عليه المثل السائر «من حفر بئرا لأخيه وقع فيه»! فإنه يدندن دائما حول اتهام أنصار السنة بخرقهم الإجماع أو اتفاق العلماء، فها هو قد خالفهم بقوله المذكور الهزيل، هدانا الله وإياه سواء السبيل. وبعد فهذه كلمة وجيزة حول هذه المسألة المهمة بمناسبة هذا الحديث الشريف، ومن شاء تفصيل الكلام فيها فليرجع إلى كتاب الصلاة لابن القيم رحمه الله تعالى فإنه أشبع القول عليها مع التحقيق الدقيق بما لا تجده في كتاب. واعلم أنه ليس