شاب ويبدو لي أنه شاب مسلم ملتحي على قلة اللحى في ذاك الزمان، في الطريق أثار هذه المسألة أن فيه بعض العلماء يقولوا: إن التصوير الفتوغرافي يجوز، فقلت له: هذه ظاهرية عصرية، ظاهرية عصرية أي: جمود يشبه جمود بعض علماء الظاهر على بعض المسائل، ومثلت له هذه الصورة الخيالية فقلت له: زعموا بأن شيخاً فاضلاً زار تلميذاً له في داره فلما جلس وإذا أمامه صورة الشيخ معلقة في صدر المكان فتكلم الشيخ مع تلميذه منكراً عليه تعليقه لصورة شيخه في صدر المكان وأثنى عليه خيراً من حيث دينه وصلاحه وحرصه على العلم، فما كان من الطالب هذا إلا أن بادر وأزال الصورة.
راحت أيام وجاءت أيام ثم زار تلميذه مرة أخرى وإذا به يفاجأ الشيخ بأن الصورة لا تزال في مكانها فأنكر عليه كما أنكر عليه في المرة السابقة، فأجاب التلميذ يا أستاذ نحن تعلمنا منك أن الصورة المحرمة هي الصورة اليدوية، أما الصورة الفوتغرافية فهي جائزة، فتلك كانت صورة يدوية لذلك تجاوبت معك، أما هذه فصورة فوتغرافية، فربت على كتفه وقال: بارك الله فيك.
فهذه أليست ظاهرية مقيتة، الصورة هي هي لكن إحداهما صورت بالقلم واليد وأخذت جهداً جهيداً حتى خرجت صورة، أما هذه ففي الآلة التي كب على إبداعها عشرات العلماء المتخصصين حتى وصلوا إلى هذه الضغطة من الزر وإذا الصورة تخرج كأبدع ما يمكن أن يكون هذه جائزة، أما الأولى فهي محرمة، هذه ظاهرية عصرية مقيتة يستحي ابن حزم لو كان في زمانه اليوم أن يقع في مثلها، وقد وقع هو في بعض ما يضحك كما يقال: الثكلى، لقد فسر حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين:«نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البول في الماء الراكد» فقال -هو-: فلو أنه بال في إناء ثم أراق ما في الإناء في الماء الراكد جاز؛ لماذا؟ لأنه لا يصدق عليه لغة أنه بال في الماء الراكد، وهذا صحيح من حيث ملاحظة الألفاظ؛ لأن هذا الرجل الثاني بال في الوعاء الفارغ ما بال في الماء الراكد، لكن بعدما بال في الإناء الفارغ أراق هذا البول في الماء الراكد هذا جاز، لكن النتيجة يا جماعة واحدة.