الحقيقية فلن يستطيع البشر مطلقا أن يصلوا إليها. فإذا انتبهنا لهذه النقطة حينئذ المضاهاة تكون بهذه الصورة الفوتوغرافية أقوى بكثير من الصورة اليدوية أو النحت بالكاكوش ونحو ذلك. هذا من جهة.
من جهة ثانية: خفي على هؤلاء الذين وقفوا عند هذه العلة وهي علة المضاهاة نحن نعتقد أن هناك علة أخرى ونستطيع أن نكون مدققين أكثر إنا إذا قلنا أن هناك حكمة أخرى في تحريم الشرع الحكيم للتصوير والصور ألا وهي أنها كانت سببا لعبادة غير الله-تبارك وتعالى- كما جاء في كتب التفسير تحت قوله تعالى في قوم نوح عليه السلام حكى عنهم: فقال: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} قال تعالى: {وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرً}
يقول ابن عباس وغيره من السلف في تفسير هذه الآية:
«هؤلاء كانوا خمسة من عباد الله الصالحين فلما ماتوا جاء ابليس إليهم وزين لهم أن يجعلوا قبورهم في دورهم ولا أن يدخلوهم في القبور التي يدفن فيها الناس عادة زين لهم ذلك بحجة أن هؤلاء كانوا عبادا صالحين فينبغي أن تبقى ذكراهم في أذهانكم أبد الدهر فإذا دفنتموهم مع جماهير الموتى لن تبقى ذكراهم في بالكم ولذلك أوحى إليهم إبليس بأن يجعلوا قبورهم في دورهم ففعلوا.
ثم تركهم قيلا من الزمان فجاءهم وقال لهم: «أنصحكم بأن تتخذوا لهؤلاء الصالحين الخمسة أصناما لتظل ذكراهم متأكدة وثابتة في خواطركم لأن هذه القبور قد تأتيها عواصف من السماء أو أمطار أو سهول فتذهب ثم لايبقى لها أي أثر.
فقبلوا أيضا نصيحته وما نصح الشيطان إنسانا أبدا فصنعوا ونحتوا أصناما لهؤلاء الخمسة وتلقاهم جيل آخر لما جاءهم قال لهم يجب أن تتخذوا لهذه الأصنام مكانا, منزلا يتناسب مع منزلتهم وثقتكم بهم, فاتخذوا بيتا للأصنام ووضعوها في مكان رفيع فترك هؤلاء وانقضى ثم جاء جيل جديد وأوحى إليهم أن هذه الأصنام التي وُضعت في هذا المكان إنما وُضعت لأنها تستحق العظمة