للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث النقل، أما من حيث النظر فكلكم يعلم إن شاء الله بأن الشارع الحكيم إذا حرم شيئاً فلحكمة بالغة قد تظهر هذه الحكمة لبعضهم وقد تخفى على الكثيرين، ومن المعلوم عند أهل العلم أن الله عز وجل حينما حرم التصوير واقتناء الصور أنه حرم ذلك لحكمتين بالغتين ظاهرتين، الحكمة الأولى من باب سد الذريعة بين الناس وبين أن يقعوا في الشرك كما وقع في قوم نوح عليه السلام الذين ذكرت قصتهم في الصور المسماة باسمه وحكى ربنا عز وجل عنهم أن موقفهم كان تجاه أمر نوح عليه السلام إياهم أن يعبدوا الله وحده حيث تناصحوا بينهم فقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعا، ولا يغوث ويعوق ونسرا.

وقد جاء في تفسير الآية في صحيح البخاري وفي تفسير ابن جرير وابن كثير وغيرها من المصادر السلفية أن قوم نوح عليه السلام إنما كان سبب وقوعهم في الشرك وعبادة غير الله عز وجل، إنما هو بدء تعظيمهم لصالحيهم تعظيماً مخالفاً للشرع، تقول هذه الرواية التي ذكرنا آنفاً بعض مصادرها بأن هؤلاء الخمسة الذين ذكروا في الآية السابقة كانوا عباداً لله صالحين، فلما ماتوا أوحى الشيطان إليهم أن اجعلوا قبورهم في أبنية دورهم ..

فهؤلاء كانوا خمسة من عبادة الله الصالحين، فأوحى الشيطان إلى قومهم أن ادفنوهم في أبنية دورهم، لا تدفنوهم في المقابر التي يدفن فيها عامة الناس حتى تتذكروهم ومن هنا بدأت فكرة نصب التماثيل في الساحات العامة التي بدأت تنتشر مع الأسف في بعض بلاد الإسلام في هذا الزمان، فاستجابوا لوحي الشيطان ودفنوهم في أفنية دورهم تركوهم برهة من الزمان، إلى أن جاء جيل ثاني فوجد آباءهم يترددون على هذه القبور بقصد الزيارة أو ما يسمى اليوم عند بعض الدراويش المسلمين بالتبرك، فأوحى إليهم أن هذه القبور بقاؤها في هذا المكان قد تأتي عواصف أو سيول وتذهب آثارها وهؤلاء ناس صالحون كما تعلمون، فيجب أن تبقى آثارهم أبد الدهر، إذاً: ماذا نصنع؟ قال: انحتوا لهم تماثيل فاستجابوا ووضعوها في مكان، وأخذ الجيل يتردد على هذا المكان، ثم جاء جيل ثالث وأوحى

<<  <  ج: ص:  >  >>