أن هذه الوسائل الحديثة ليس فيها مضاهاة والواقع أن المضاهاة لخلق الله بالتصوير بهذه الأجهزة أدق من التصوير كما كان قديماً سواء بالريشة أو بالنحت، إذا كان من المتفق عليه بين العلماء قديماً وحديثاً أن الصور المجسمة أي الأصنام هي محرمة لا لشيء، إلا لأنها مجسمة ولها ظل، ولكنها هل تضاهي خلق الله من كل الجوانب؟ الأمر واضح جداً، ذلك أن هذا الصنم عبارة عن قطعة حجر، فهو في الظاهر يمثل إنساناً من خلق الله عز وجل، لكن في الباطن ليس هناك ما يوجد في باطن الإنسان الذي خلقه الله عز وجل وسواه وعدله، فإذاً: التشبيه هو المضاهاة فيما يظهر من الصورة سواء كانت مجسمة أو كانت على الستارة أو على الجدار أو على الورق، ومن هنا يبدو لنا أننا نعيش في بعض ما نسمع من أحكام في العصر الحاضر على نمط المذهب الظاهري، مذهب ابن حزم الظاهري الذي يضرب به المثل في غلوه لتمسكه بظواهر النصوص تمسكاً يضحك كما يقال الثكلى، نحن الآن في هذا العصر نقع في مثل الظاهرية القديمة، فنحن نعيش ظاهرة عصرية؛ لأن الصنم هو المحرم فقط، أما التصوير الذي يتحرك شريط فيديو وتراه كأنه إنسان حي، هذا ليس فيه مضاهاة لخلق الله، أما هذا الحجر الأصم لا تسمع منه صوتاً ولا ترى منه حركة شفوية ونحو ذلك ولا رمش العين، هذا ليس فيه مضاهاة لخلق الله، أما نحت هذا الصنم الأصم فهذا مضاهاة لخلق الله، هذه ظاهرية أغرق بالتمسك بالظاهرية من ظاهرية ابن حزم الذي وصل به الأمر أن يقول في حديث الرسول عليه الصلاة السلام:
«نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البول في الماء الراكد»، ظاهر هذا اللفظ العربي كما يقول ابن حزم، نهى عن البول في الماء الراكد، لكنه إذا بال في إناء فارغ، ثم أراق هذا البول من هذا الإناء في الماء الراكد ما بال في الماء الراكد، إذاً: هذا يجوز، سبحان الله مع فضله وعلمه رجل فاضل الحقيقة، لكن سبحان الله، أبى الله عز وجل العصمة إلا لأنبيائه ورسله، وله من هذه نماذج أخرى، مثلاً الرسول عليه السلام يقول في البكر إذا ما استؤذنت في الزواج قال عليه السلام:«وإذنها صماتها» هذا في منتهى اللطف من الشارع الحكيم ببنات الخدور كان في الزمان الماضي أبكار