للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا عرفنا هذه الحقيقة عرفنا أن صور الفيديو على البيان السابق هي من المحرمات أيضاً، ولكن كما يقول الفقهاء لكل قاعدة شواذ، وهذا معروف في القرآن الكريم: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ} [المائدة: ٣]، ليس إطلاقاً وإنما هناك استثناء: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩]، من هنا أخذ الفقهاء القاعدة المعروفة: الضرورات تبيح المحظورات. ولكنهم كان من دقة فقههم وفهمهم في ملاحظتهم للآية السابقة: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩] أن أضافوا إلى القاعدة السابقة: الضرورات تبيح المحظورات ضميمة مهمة جداً وهي: الضرورة تقدر بقدرها. يجب الجمع بين المضاف والمضاف إليه، الضرورات تبيح المحظورات، الضرورة تقدر بقدرها. {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩] معنى هذا أن لو مثلاً رجل تعرض للموت في الصحراء، فوجد لحم ميتة فهل يأخذ من هذا اللحم ويشوي ويأكل منه كما لو كان يأكل من لحم ذبيح طازج؟ لا، إنما ما يدفع به الضرورة، أي: ما يدفع به تعرضه للهلاك، هذا معنى: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩]، من هنا ضموا تلك الضميمة، نعم الضرورات تبيح المحظورات ولكن ليست هكذا على الإطلاق، وإنما الضرورة تقدر بقدرها، فما أنت مضطر إليه تأخذه، ما سوى ذلك فهو على أصله أي: حرام.

الآن كما نشاهد مع الأسف توسع الناس جداً جداً في استعمال الصور، حتى أصبح من جملة الملاهي تجد طفل ابن ثمان أو تسع سنين واضع الكاميرا على كتفه وهو يذهب هنا وهناك ويصور ما بدا له، هذا التوسع الأصل فيه التحريم، ولكن ما هو الشيء الذي يمكن استثناؤه من باب الضرورات تبيح المحظورات والضرورة تقدر بقدرها؟

نلاحظ الآن أنه لا بد لتنظيم الدخول والخروج من بلد إلى آخر ما يسمى ويعرف بالهويات والجوازات ونحو ذلك، فهنا لا بد من الصور، فهذا النوع من الصور ممكن ندخله في قاعدة الضرورات، وهذا لا نأخذه فقط انطلاقاً من هذه القاعدة، بل ومن نص في السنة الصحيحة هي التي فتحت لنا الباب لاستثناء بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>