الطرب بجميع أشكالها وأنواعها نصا على بعضها كالمزمار والطبل والبربط وإلحاقا لغيرها بها وذلك لأمرين:
الأول: شمول لفظ المعازف لها في اللغة كما تقدم بيانه في الفصل الثاني وكما سيأتي أيضا عن ابن القيم.
والآخر: أنها مثلها في المعنى من حيث التطريب والإلهاء ويؤيد ذلك قول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: الدف حرام والمعازف حرام والكوبة حرام والمزمار حرام.
أخرجه البيهقي ١٠/ ٢٢٢، من طريق عبد الكريم الجزري عن أبي هاشم الكوفي عنه.
قلت: وهذا إسناد صحيح إن كان أبو هاشم الكوفي هو أبو هاشم السنجاري المسمى سعدا فإنه جزري كعبد الكريم وذكروا أنه روى عنه لكن لم أر من ذكر أنه كوفي وفي ثقات ابن حبان ٤/ ٢٩٦، أنه سكن دمشق والله أعلم.
غير أن الحديث الأول يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ..
بحاجة إلى شيء من البيان فأقول:
أولا: قوله: يستحلون فإنه واضح الدلالة على أن المذكورات الأربعة ليست حلالا شرعا ومنها المعازف وقد جاء في كتب اللغة ومنها المعجم الوسيط: استحل الشيء عده حلالا.
ولذلك قال العلامة الشيخ علي القاري في المرقاة ٥/ ١٠٦: والمعنى: يعدون هذه الأشياء حلالات بإيراد شبهات وأدلة واهيات منها ما ذكره بعض علمائنا يعني الحنفية من أن الحرير إنما يحرم إذا كان ملتصقا بالجسد وأما إذا لبس من فوق الثياب فلا بأس به فهذا تقييد من غير دليل نقلي ولا عقلي ولإطلاق قوله - صلى الله عليه وسلم -:
«من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة» ١ وكذلك لبعض العلماء