للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«اللهم لا خير إلا خير الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجرة»

ثم ذكر ابن الجوزي من رواية الخلال - وهذا في الأمر بالمعروف ص ٣٤ - بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان عندنا جارية يتيمة من الأنصار فزوجناها رجلا من الأنصار فكنت فيمن أهداها إلى زوجها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

«يا عائشة إن الأنصار أناس فيهم غزل» فما قلت؟ قالت: دعونا بالبركة قال: «أفلا قلتم:

أتيناكم أتيناكم ... فحيونا نحييكم

ولولا الذهب الأحم ... ر ما حلت بواديكم

ولولا الحبة السمرا ... ء لم تسمن عذاراكم» (١)

ومن ذلك أشعار ينشدها المتزهدون بتطريب وتلحين تزعج القلوب إلى ذكر الآخرة ويسمونها الزهديات كقول بعضهم:

يا غاديا في الغفلة ورائحا ... إلى متى تستحسن القبائح

وكم إلى كم لا تخاف موقفا ... يستنطق الله به الجوارح

يا عجبا منك وأنت مبصر ... كيف تجنبت الطريق الواضحا

فهذا مباح أيضا وإلى مثله أشار أحمد في الإباحة

ثم روى ابن الجوزي ص ٢٤٠ بسنده عن أبي حامد الخلقاني أنه قال:

قلت لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله هذه القصائد الرقاق التي في ذكر الجنة والنار أي شيء تقول فيها؟ فقال: مثل أي شيء؟ قلت: يقولون:

إذا ما قال لي ربي ... أما استحييت تعصيني

وتخفي الذنب من خلقي ... وبالعصيان تأتيني؟ (٢)


(١) حديث حسن مخرج في الرواء ١٩٩٥، وآداب الزفاف ص ١٨١. [منه].
(٢) قلت: وذكر الإمام الشاطبي قصة أخرى فيها شعر من هذا القبيل ثم قال ١/ ٣٧٠. هذا وما أشبهه كان فعل القوم وهم مع ذلك لم يقتصروا في التنشيط للنفوس ولا الوعظ على مجرد الشعر بل وعظوا أنفسهم بكل موعظة ولا كانوا يستحضرون لذكر الأشعار المغنيين إذ لم يكن ذلك من طلباتهم ولا كان عندهم من الغناء المستعمل في أزماننا شيء وإنما دخل في الإسلام بعدهم حين خالط العجم المسلمين. يشير الإمام إلى الفرق بين الغناء الفطري وهو الجائز والغناء المصطنع المهني وهو الممنوع. [منه]

<<  <  ج: ص:  >  >>