وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - التنصيص على تحريم آلات الطرب حتى قرنها بالمقطوع تحريمه شرعاً كالخمر والزنا، أعني بذلك قوله عليه الصلاة والسلام «ليكونن في أمتي أقواماً يستحلون الحر- أي الزنا- والحرير- أي الحيواني البلدي- والخمر والمعازف» وهي آلات الطرب فنجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرن آلات الطرب مع المحرمات المقطوع حرمتها الزنا والخمر والحرير الحيواني لا أستدل، أنبه فأقول: لا أستدل على التحريم المذكور بمجرد قرن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالمعازف بسابقاتها من المحرمات فقط، وإنما أستدل بقوله عليه السلام «ليكوننن في أمتي أقوما يستحلون - ومعنى يستحلون أي ما كان محرم شرعاً ثم ضرب على ذلك أمثلة أربعة فقال: الحر والحرير والخمر والمعازف يمسون في لهو ولعب ويصبحون وقد مسخوا قردة وخنازير» أقول هذا لأن الاستدلال، الذي أخذته بهذا الحديث على تحريم آلات الطرب أشكل على بعضهم قديماً وحديثاً فقالوا إنما يدل الحديث على تحريم اجتماع هذه الأمور الأربعة في لهو ولعب، وكان الجواب: ...
ما أشرت آنفاً من قوله عليه الصلاة والسلام «يستحلون» فكلمة يستحلون [تدل] على أن هذه المذكورات تباعاً على التسلسل هي محرمة شرعاً فهنا يكمن الاستدلال بالحديث أما أنهم يصبحون وقد مسخوا قردة وخنازير فذلك فعلاً بسبب اجتماعهم على هذه المنكرات كلها، لكن قول الرسول عليه الصلاة والسلام «يستحلون» يدل على أن هذه الأشياء الأربعة هي محرمة شرعاً ويؤكد ذلك، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نص على تحريم بعض آلات الطرب نصاً صريحاً مقروناً مع بعض المحرمات التي ذكر بعضها في الحديث السابق أعني بذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - «إن الله حرم على أمتي الخمر - وهو ذكر في الحديث السابق - والميسر - لم يذكر في الحديث السابق- والكوبة - وهو الطبل -» وهو من جملة المعازف وهذا يؤكد أن قوله عليه السلام في الحديث السابق «يستحلون الحر والخمر والحرير والمعازف» يعني أن هذه الأشياء الأربعة محرمة أكد ذلك الرسول عليه السلام في هذا الحديث الثاني «إن الله حرم على أمتي الخمر والميسر والكوبه» والكوبه هو الطبل، وأحاديث أخرى جاءت أيضاً تصرح بتحريم المعازف والآت الطرب وإن كان في أسانيدها ضعف لا نستطيع أن نستدل بفرد من