أمورا لم يكن من الميسور تحقيقها بيسر في الزمن الماضي لا ننكر وجود مثل هذه الوسائل كما نحن الآن نسجل مكبر صوت ونحو ذلك مما ذكرتم آنفا من تصوير بعض الحوادث دون أن ترى، هذه وسائل وجدت في العصر الحاضر ولكن لا يجوز أن نطلق الكلام بجواز استعمالها بدعوى أننا نقصد تحقيق غاية شرعية، لأننا سنقول يجب أن تكون الوسيلة أيضا وسيلة مشروعة.
الواقع أن هذا المسألة لها علاقة بأصلين علميين:
أحدهما: قوله عليه السلام: «كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار»، والآخر المعروف بين العلماء بالمصالح المرسلة، كثيرا ما تختلط عند بعض الناس بالبدعة الضلالة، ولذلك وجد من لم يقل بجواز تبني هذه القاعدة وهي المصالح المرسلة وواضح جدا أن المقصود بالمصلحة المرسلة هو وجود سبب أو وسيلة تحقق غاية شرعية، هل يجوز اتخاذ هذه الوسيلة ما دامت أنها تحقق غاية شرعية أم لا؟ منهم ومنهم، من أخذ بالمصلحة المرسلة قال بجواز ذلك، ومن لا فلا، لكن الواقع أن إطلاق القول في المصالح المرسلة إيجابا أو سلبا ليس بسليم وإنما لا بد من التفصيل وهذا التفصيل الذي اطمأنت إليه نفسي وانشرح له صدري كنت استفتدته من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وأنا حينما أذكر هذه المسألة أرى لزاما علي أن أذكر شيخ الإسلام لأنه يعود الفضل إليه في هذه المسألة من باب أن من بركة العلم عزو القول إلا قائله وبخاصة إذا كان قولا هاما وعلميا عظيما، ويضاف إلى ذلك أنه تجده نادرا لا تجده في بطون كتب العلماء الفطاحل من العلماء.
هو يأتي بالتفصيل التالي: الوسيلة التي حدثت ويرجى منها تحقيق مصلحة للمسلمين يجب أن تدرس هذه الوسيلة هذه هي كانت قائمة في عهد الرسول عليه السلام المقتضي للأخذ بها أم لم يكن، فإن كان المقتضي قائما للأخذ بها وهي وسيلة فعلا تحقق الغاية التي يرمي إليها المتمسك فيه فيما بعد باسم المصالح المرسلة مع ذلك فالرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يأخذ بهذه الوسيلة وبالتالي لم يحقق تلك الغاية فلا يجوز لنا أن نأخذ بهذه الوسيلة ولو كانت تحقق غاية شرعية، لماذا؟ لأن في أخذنا إياها