للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله والله تعالى عاب على المشركين أنهم حرموا ما لم يحرمه الله وشرعوا دينا لم يأذن به الله.

ولو سئل العالم (١) عمن يعدو بين الجبلين هل يباح له ذلك؟ قال: نعم فإذا قيل: إنه على وجه العبادة كما يسعى بين الصفا والمروة؟ قال: إن فعله على هذا الوجه [فهو] حرام منكر يستتاب فاعله فإن تاب وإلا قتل (٢).

ولو سئل عن كشف الرأس ولبس الإزار والرداء؟ أفتى بأن هذا جائز فإذا قيل: إنه يفعله على وجه الإحرام كما يحرم الحاج؟ قال: إن هذا حرام منكر.

ولو سئل عمن يقوم في الشمس؟ قال: هذا جائز فإذا قيل: إنه يفعله على وجه العبادة؟ قال: هذا منكر كما روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما:

صحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا قائما في الشمس فقال: «من هذا؟ »

قالوا: هذا أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ويستظل ولا يتكلم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مروه فليتكلم وليجلس وليستظل وليتم صومه» (٣).

فهذا لو فعله لراحة أو غرض مباح لم ينه عنه لكن لما فعله على وجه العبادة نهي عنه.

وكذلك لو دخل الرجل إلى بيته من خلف البيت لم يحرم عليه ذلك ولكن إذا فعل ذلك على أنه عبادة كما لو كانوا يفعلونه في الجاهلية .. كان عاصيا مذموما مبتدعا والبدعة أحب إلى إبليس من المعصية (٤) لأن المعاصي يعلم أنه عاص فيتوب والمبتدع يحسب أن الذي يفعله طاعة فلا يتوب ولهذا من حضر السماع للعب أو لهو لا يعده من صالح عمله ولا يرجو به الثواب.

وأما من فعله على أنه طريق إلى الله تعالى فإنه يتخذه دينا وإذا نهي عنه كان كمن


(١) يعني طبعا العالم السلفي وليس الخلفي الغزالي! [منه]
(٢) قلت: يعني من قبل الحاكم القائم على حدود الله الذي صار اليوم كالعنقاء! [منه]
(٣) مخرج في الإرواء ٨/ ٢١٨، ٢٥٩١، وفيه بيان إنه ليس في البخاري قوله: في الشمس وهو صحيح. [منه]
(٤) روي هذا عن بعض السلف وهو سفيان الثوري رواه ابن الجعد في مسنده ٢/ ٧٤٨/١٨٨٥. [منه]

<<  <  ج: ص:  >  >>