قلوبهم وتمكن التوحيد من نفوسهم فانتفى هذا الحكم الشرعي ألا وهو التشديد في النهي عن التصوير وعن اقتناء الصور، هذه شبهة طالما سمعناها كثيرًا من بعض من لم يتفقهوا في الدين، ولا أريد أن أطيل في هذا المجال الآن، وإنما حسبي أن أذكّر أن التصوير بكل أنواعه سواء كان مصورًا بالقلم أو بالريشة أو بالدهان أو بالتطريز أو بأي آلة حديثة اليوم وهي كثيرة فما دام أن هناك ما يصح أن يطلق عليه لغةً إنه مُصوَّر وإنها صورة فلا يجوزُ تصويرها، وبالتالي لا يجوز اقتناؤها لدخول تلك الأنواع كلها في عموم هذه الأحاديث المشار إليها كمثل قوله عليه السلام من حيث تحذيره عن التصوير:
«كل مصور في النار» ومن حيث نهيه عن اقتناء كل صورة ألا وهو قوله عليه السلام: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة أو كلب» إذ الأمر كذلك فلا يجوز اللعب بالشطرنج ما دامت هذه التماثيل ظاهرة فيه، وحينئذٍ إذا كان ولا بدّ من اللعب بالشطرنج فيجب القضاء على هذه التماثيل. بعد ذلك يأتي شرط ثاني؛ ألا وهو ألاّ يصبح اللاعب بالشطرنج عبدًا له، يصرفه عن عبوديته الحق بالنسبة لله -سبحانه وتعالى-، يصرفه عن القيام بالفرائض الواجبة عليه، وليست هي الصلوات الخمس مثلاً ومع الجماعة؛ أي: لايكفي أن نقول إن المحضور من اللعب بالشطرنج هو فقط ألا يلهيه عن القيام بالواجبات والفرائض الخمس ومع الجماعة، بل يجب أن نقرن إلى ذلك أن هذا اللعب لا يصرفه عن كل واجبٍ فرضه الله -تبارك وتعالى- عليه كمثل مثلاً القيام بواجبه تجاه أهله، تجاه أولاده، تجاه إخوانه بصورةٍ عامة فإن خلا ولا أقول إذا خلا فإن خلا اللعب بالشطرنج من هذا النوع من المعاصي نقول حينذاك فهو جائز تمسكًا بالبراءة الأصلية، حيث أن الأصل في الأشياء الإباحة إلاّ إذا جاء نصٌّ يضطرّنا أن ننتقل منه إلى ما تضمنه الناقل من الحكم إما تحريمًا وإما كراهةً.
هذانِ مثالان من الأمثلة التي ابتلي الناس باللهو بها وإضاعة الوقت عليها مثالٌ منهيٌّ عنه مباشرةً ولا يجوز تعاطيه مطلقًا ألا وهو النرد، ومثالٌ لم يصح فيه نهي خاص ألا وهو الشطرنج، فيجب أن يدار الحكمُ فيه حسب ما يحيط به من المحاذير،