الشيخ: لا، هذه مسألة لها علاقة بقاعدة فقهية عامة، وهي: الأوقات المكروهة كالوقت بعد أذان الفجر، وبعد صلاة الفجر، هل يشرع للمصلي أن يصلي تنفلًا مطلقًا، أم لا يشرع له إلا أن يصلي الصلوات التي تسمى بذوات الأسباب؟ وهذه مسألة خلافية بين الحنفية وبين الشافعية، والراجح لمن درس الأحاديث الواردة في هذا الباب يجد أن الصحيح أن كل صلاة لها سبب إذا ذهب مناسبة هذا السبب ذهبت الصلاة وحينئذ يجوز أن تصلى هذه الصلاة لملاحظة سببها بخلاف النوافل التي بإمكان الإنسان أن يصليها متى شاء في وقت مشروع، فليس له أن يصليها في وقت الكراهة.
مثلًا تحية المسجد: دخول المسجد هو السبب الموجب لشرعية صلاة ركعتي تحية المسجد، فإذا لم يصلها في وقت الدخول ووقت الجلوس، لم يعد هناك مجال لصلاة هاتين الركعتين؛ لأنها تحية المسجد، فإذا هو دخل وجلس ثم قام يصلي ركعتين بعد ذهاب وقت الكراهة، خرجت عن كونها تحية المسجد.
كذلك مثلًا سنة الوضوء: توضأ الرجل، ومن السنة المستحبة أن يصلي ركعتين عقب كل وضوء، فإذا لم يصلي مباشرة ذهب وقتها، وهكذا قس كل ذوات الأسباب.
فالصورة التي أنت ذكرتها آنفًا هي داخلة في هذا الباب، من كان يرى شرعية تحية المسجد في وقت الكراهة فهو يصلي ركعتين تحية المسجد .. من كان يرى سنية سنة الوضوء في وقت الكراهة فهو يصليها أيضًا، أما أن يصلي نفلًا مطلقًا فليس له أن يصلي بعد أذان الفجر إلا ركعتي الفجر، كذلك ليس له أن يصلي بعد فريضة الفجر إلا ذات سبب.
من جملة ذوات الأسباب الصلاة التي فاتته، كرجل دخل المسجد ووجد الإمام يصلي، فليس له أن يصلي ركعتي الفجر لقوله عليه الصلاة والسلام:«إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» فهو دخل المسجد والصلاة قائمة فلا بد أن يقتدي بالإمام بهذه الفريضة، فإذا سلم الإمام فله أن يصلي ركعتي سنة الفجر بعد سلام