للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلام كما يقول النووي وغيره في الأربعين، له هذا الكلام: «لا ضرر ولا ضرار» يدخل تحته عشرات إن لم نقل مئات من المسائل ما الفرق بين لا ضرر، ولا ضرار؟ لا ضرر بنفسك ولا إضرار بغيرك.

بأيّ أشيء أضررت نفسك فهو حرام عليك، بأي شيء أضررت به غيرك فهو حرام عليك، حتى ولو كان هذا الإضرار بالخير.

وهنا نكتة أرجو التَنَبّه لها .. حتى لو كان الإضرار بالخير طبعاً بالخير الذي لا يجب، وإنما هو خير فعلاً، لا ضرر بنفسك ولو بالخير كلام عجيب .. لكنه كما قال تعالى: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} [الذاريات: ٢٣] لا ضرر بنفسك ولو بالخير، من أين أخذنا هذا؟ من أحاديث كثيرة جداً جداً، قال عليه السلام في حديث معروف سببه: «فمن رغب عن سنتي فليس مني» .. ما مناسبة هذا الحديث؟ الخير الكثير ما هو هذا الخير؟ قصة الرهط الذين جاؤوا إلى الرسول عليه السلام، فلم يجدوه فسألوا نساءه عن عبادته عليه السلام، عن قيامه في الليل، وصيامه في النهار، وقربانه للنساء .. فقلن: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم الليل وينام، ويصوم ويفطر، ويتزوج النساء .. قالوا: هذا رسول الله قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، كلمة لو يعنون ما ترمي إليه كفروا وهم هؤلاء أصحاب الرسول، لكنهم ما فَكّروا بعاقبة هذه الكلمة؛ لأنها تعني لماذا الرسول لا يقوم الليل كله؟ ولماذا الرسول لا يصوم الدهر كله؟ ولماذا الرسول ما يتمتع بنسائه؟ الله غفر له، يقولوا أيضاً أن في الشام يحصل يدين ما يبالي بالها ويشتريها، هذا يقال في حق الرسول، وهو الذي قال عنه أصحابه: قام رسول الله صلى الله عليه، وآله وسلم حتى تفطّرت قدماه، تشققت قدماه قالوا: مشفقين عليه ..

قالوا: يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، لماذا أنت تُتْعِب حالك؟ هذه الهدف الذي نحن نقصده من حياتنا هنا ومن طاعتنا لربنا واتباعنا سنة نبينا، هو أن نحظى بمغفرة ربنا، أنت ربنا غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، لماذا هذا التعب قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟ أولئك الرهط غفلوا عن هذه القضية قالوا: وحق له عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>