حكم جواز العزل يعطينا قاعدة هامة جدًا قل من يتنبه لها من الناس، هذه القاعدة هي أنه إذا وقع أمر في عهد النبوة والرسالة ولم يأت نهي عنه فهو دليل الجواز؛ ذلك لأنه لو كان منهيًا عنه لنزل الحكم بالنهي عنه في القرآن أو في بيان الرسول عليه الصلاة والسلام الذي مما خوطب به في القرآن:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤] فإذًا: قول جابر: كنا نعزل والقرآن ينزل، فيه إشارة أنه ما دام كنا نفعل ذلك ولم ينزل في القرآن حكم بذلك فمعناه أنه يجوز، لهذا كان هذا الحديث دليلًا على جواز العزل؛ لأن الله من فوق سبع سماوات قد أقر عمل هؤلاء الصحابة ولم ينههم عن ذلك.
لكننا قلنا بالإضافة إلى الجواز بأنه مكروه، من أين يأتي هذا الحكم الإضافي على الجواز؟ هذا يأتي من ملاحظتنا لحديث رائع جدًا قلما يتعرض له بذكر بعض الذين يسألون عن هذه المسألة، ذاك الحديث هو قوله عليه الصلاة والسلام:«تزوجوا الودود الولود فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة» تزوجوا الودود الولود، لم؟ قال عليه السلام:«فإني مباه» وبلفظ: «مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» فالذي يعزل عن زوجته لا شك أنه في ذلك لا يحقق رغبة نبيه هذه، الذي يعزل عن زوجته لا يحقق رغبة نبيه - صلى الله عليه وسلم - هذه وهي المباهاة والمفاخرة بأمته على سائر الأمم يوم القيامة.
وفي هذا الحديث تنبيه هام جدًا لخطورة ما شاع وذاع وملأ الأسماع في هذا العصر مما يسمونه بتحديد النسل أو تنظيم النسل، فهذا ينافي الشرع الإسلامي منافاة لهذا التوجيه النبوي الكريم، هو يريد منا أن نكثر من نسلنا لنحقق بذلك رغبةً من رغبات نبينا صلوات الله وسلامه عليه كما جاء في الحديث السابق، وعلى العكس من ذلك حينما ننظم زعمنا أو نحدد زعمنا لا يستحضر أحدنا أبدًا هذه الرغبة النبوية الكريمة لا سيما إذا ما جعل التحديد أو التنظيم نظامًا عامًا يفرض من دولة ما على شعب مسلم ما، هناك الطامة الكبرى؛ لأن المسألة تهون حينما يرتكب هذه المخالفة لرغبة النبي - صلى الله عليه وسلم - من فرد تهون هذه المشكلة، أما إذا صارت مشكلة تبنتها الدولة .. تبناها الشعب فهناك تحقيق لرغبة لأعدائنا الذين يحيطون بنا من كل