أي نعم. لنعرف ما هو الفرق بين العلم بالغيب والفراسة التي يصيب بها أحياناً ويتحدث بها بعض كتب السنة الصحيحة من جهة ويغالي فيها الذين ينتمون إلى التصوف من جهة أخرى.
أظنكم جميعاً تعلمون قوله عليه الصلاة والسلام:«لقد كان في أمتي محدثون لقد كان فيمن قبلكم محدثون، فإن يكن في أمتي محدث فعمر»، ومعنى محدثون: أي: ملهمون، الإلهام ليس هو الوحي لكنه يتلقي مع الوحي أحياناً من حيث اكتشاف ما سيقع ظناً وليس يقيناً يعني: الذي ألهم بشيء لا يستطيع أن يقول: إن هذا سيكون حتماً إلا ما ندر جداً .. جداً وهو يعترف بأنه ليس معصوماً، أما الوحي فهو يقطع بها كما هو حي تماماً يقطع بأن هذا الذي أوحاه الله إليه هو من وحي السماء لا يدخله شك ولا لبس ولا ريب، فالآن لقد كان فيمن قبلكم محدثون فإن يكن في أمتي فعمر ما هو معنى محدثون؟ أي: ملهمون، فما هو الإلهام؟ أنتم تعرفون أن عمر بن الخطاب تحدث بأمور نزل القرآن على وفق ما تحدث به كقوله مثلاً: لو حجبت نساءك فأنزل الله آية الحجاب، وقوله مثلاً: لو اتخذنا .. لو اتخذنا مقام إبراهيم مصلى إلى آخره، من هذا القبيل ما رواه الإمام مالك في الموطأ بالسند الصحيح أنه عن أبي بكر الصديق أنه قال: لابنته عائشة في أرض تتعلق بإرث أولاد أبي بكر رضي الله عنه، قال فيما أذكر الآن: أنه هذه لأختك والأخت هي كانت لا تزال جنيناً في بطن زوج أبي بكر الصديق، قالت: وأين أختي؟ قالت: هي التي في بطن فلانة، وفعلاً رزقت بنتاً فكانت ترث مع أختها تلك الأرض بوصية من أبي بكر الصديق .. في هذا الإلهام وهذه القصة في الموطأ وبالسند الصحيح الذي لا إشكال فيه؛ لأنه في الموطأ يوجد روايات مقطوعات وبلاغات كثير منها لا يصح وإن كانت موصولة بعضها في كتب أخرى، أما هذه القصة فهي صحيحة.
إذا عرفنا هذه الحقيقة الفرق بين الوحي وبين الإلهام يمكننا نحن الآن أن