وهي الصلاة بعد العصر، فأقول: إن الصلاة التي تُعْرَف عند العلماء بتحية المسجد، هذه الصلاة من جملة المستثنيات من تلك القاعدة العامة:«ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس .. » - هناك مستثنيات كثيرة، وكما قلت آنفاً: لا مناسبة الآن لبيانها أو إحصائها، وإنما من تلك المستثنيات- تحية المسجد؛ ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين».
هنا طبعاً تفصيل فقهي دقيق جداً، حيث أنه تعارض عمومان اثنان:«لا صلاة بعد العصر» فهو نص عام، وقوله:«إذا دخل أحدكم المسجد» فهو أيضاً نص عام، فأي العامين يُقَدَّم على الآخر؟
البحث يحتاج إلى شيء من التفصيل، ولا ضرورة الآن للخوض فيه أيضاً، إلا إن مد الله عز وجل وبارك في الوقت وبدا لأحد الحاضرين أن يطلب منا تفصيل ذلك، فأنا مستعد لذلك بعد أن نتفرغ من الإجابة عن الأحكام التي تتعلق بشهر الصيام.
ولكني لا بد لي أيضاً من ذكر مسألة مهمة جداً، تتعلق بما نحن فيه في هذا الوقت، ألا وهو قوله عليه السلام:«ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس» هذا النص العام ليس على إطلاقه فقد جاء مُقَيَّداً في حديثين اثنين:
أحدهما: من حديث علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- والآخر: من حديث أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- كل منهما رُوِي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تقييداً للحديث العام:«لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، قالوا: .. » أي قال: علي وأنس رضي الله تعالى عنهما، رويا الحديث بالقيد التالي:«نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة بعد العصر إلا أن تكون الشمس مرتفعة نَقِيَّة».
إذاً: هذا أمر أوسع من الأمر السابق .. في الأمر السابق قلنا: إن التحية تُصَلَّى في وقت الكراهة، أي: ولو كان ذلك عند اصفرار الشمس، أَمَّا والوقت الآن لم تصفر الشمس، بل هي كما ترونها بيضاء نقية، إذاً: لو أراد المسلم أن يتطوع أيضاً بعد