للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حنانيك بعض الشر أهون من بعض؛ اللحية الشرعية هي التي تكون موافقةً لما كان عليه الرسول عليه السلام، وهي أنها لا تكون أقل من القبضة، ما زاد عن القبضة يجوز قصها، أما ما دون القبضة فلا يجوز؛ لأنه يخالف الإعفاء من حيث إطلاقه « ... انقطاع ... » يرويه رجل ثقة عن شعبة أنه كان يُعْنَى بنظافة ثوبه، وأنه كان يأخذ من هذا وهذا، قال: ويشير إلى عارضيه.

هذا يفيدنا في الموضوع من يتشدد في تطبيق أمر الإعفاء بصورة مطلقة، مهما طالت اللحية فتترك، نحن نقول: لا، هذا خطأ، وخير الأمور الوسط، وحُبّ التناهي غلط، فالذي يأخذ ما فوق القبضة هذا وإن كان خيراً من المبتلى بحلقها، وذلك لأنه لا يتشبه بالنساء بهذه الحالة، فخرج من هذا المحظور، لكن هو خالف، أولاً: الإطلاق في الإعفاء، والمقيد بما ذكره ابن عمر أنه كان يأخذ من لحيته ما دون القبضة، وعلى ذلك جاءت بعض الآثار عن السلف الصالح دون أيّ خلاف بينهم.

إذاً: حلق اللحية معصية كبرى، إعفاؤها قصيرة على حد قول السوريين عندنا خير الذقون إشارة تكون؛ لأنه هذه من باب أيش، أنصاف الحلول يسموها أيضاً، أنصاف الحلول، هذا ما بِده يتشبه بالمشائخ المتشددين، فما يتركها طويلة؟ وذاك ما بِده يتشبه بالمرأة يطيح بها ويرميها أرضاً كما ذكرنا.

إذاً: خير الذقون إشارة تكون، هذا من وسوسة الشيطان بطبيعة الحال.

المهم يا إخواننا: أن المسلم يجب أن يحيا حياته كلها، ويضع نصب عينيه دائماً أبداً قوله تبارك وتعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب: ٢١]، من المسلم الذي يجعل نصب عينيه قدوته هو الرسول عليه السلام وليس سواه لا من المشائخ ولا من العلماء، ولا من الجهلة، فضلاً عن الكفار والفساق إلى آخره، من هو؟ هو الرسول عليه السلام، ومن الذي يجعل الرسول قدوته، {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ}.

فالمسلم الذي يحيا في هذه الحياة الدنيا العاجلة الفانية، ليس عنده هدف، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>