فإذًا: دلنا هذا الحديث على أن السنة تقضى كما تقضى الفريضة ولكن هل كان قضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد العصر للسنة التي كانت فاتته قضاء لها في وقت مكروه حتى نتساءل ذاك السؤال فنقول: هل هو خاص به أم يشمل كل أمته؟ لم تكن صلاته عليه السلام في وقت الكراهة.
وهنا ينبغي الوقوف قليلًا لتعلموا تفصيل الوقت المكروه بعد صلاة العصر، ذلك لأن هناك بعض الأحاديث تدل بإطلاقها أن وقت الكراهة بعد العصر تبدأ بعد صلاة العصر، كمثل قوله عليه الصلاة والسلام وهو حديث متفق على صحته:«ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس» والنبي - صلى الله عليه وسلم - حينما شغل بركب قيس عن السنة صلاها بعد العصر فلما سئل عن ذلك قال:«شغلني الوفد» فيتبادر لذهن من كان الحديث المتفق عليه في ذهنه أنه صلاها في وقت الكراهة؛ لأن الحديث قال:«لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس» فهو إذًا صلاها بعد العصر ولذلك جاء السؤال، ولكن لله عز وجل كما جاء في حديث لسنا الآن في صدد ذكره أيضًا؛ لأن الوقت ضاق جدًا من حديث ابن مسعود قال: قال عليه الصلاة والسلام: «إن الله يحدث في أمره هذا ما يشاء» أي: في دينه ما يشاء «وإنه مما أحدث: ألا كلام في الصلاة».
فالله عز وجل كان يأتي بل كان ينزل الشرع والوحي على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنجمًا وبمناسبات شتى، فقد كان الكلام في الصلاة مباحًا ثم حرمه بهذا الحديث:«إن الله يحدث في أمره ما يشاء، وإن مما أحدث أن لا كلام في الصلاة» قد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا صلاة بعد العصر» ولكن جاء في أحاديث أخرى: «لا صلاة بعد العصر إلا أن تكون الشمس بيضاء نقيه -أو مرتفعة نقية-» فدخل بهذا الحديث على الحديث الأول تخصيص الحديث كان مطلقًا: «لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس» أما هذا الحديث الثاني فقال: «إلا أن تكون الشمس مرتفعة نقيه».
فهذا الحديث صحيح، صح عن علي رضي الله عنه وعن أنس رضي الله عنه، إذا كان الأمر كذلك فحينما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - السنة التي فاتته بعد العصر فلم يصلها