للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هن في تغييرهن لخلق الله أطعن الشيطان وعصين الرحمن.

قد يقول قائل هنا: ليس للرجال علاقة بالحديث، نقول: بلى لهم علاقة كل العلاقة، وذلك للبيان التالي، وهو: كلنا يعلم أن الله عز وجل لحكمته البالغة لما غاير بين النساء والرجال، جعل للنساء بعض الأحكام تختص بهن، غير الحكم الكوني حيث جعلها بدون لحية، فأباح لهن مثلًا الحرير، وأباح لهن نوعًا من الذهب، بينما حرم هذا وذاك على الرجال، ومع هذا التمييز لجنس النساء على الرجال بإباحته تعالى لهن ما هو حرام عليهم فإذا حرم عليهن شيئًا وبعلة تغيير خلق الله فلا شك أن هذا الشيء المحرم عليهن لنفس العلة يكون محرمًا على الرجال من باب أولى.

فالآن: نعود إلى الحديث: «لعن الله النامصات» أي: الناتفات، النتف هنا نسمع من كثيرين من أهل العلم والفضل يختلفون، بعضهم يخصون النمص بالحاجبين فقط، وبعضهم يزيد على الحاجبين الخدين، ثم لا شيء وراء ذلك، والصواب: أن الأمر أوسع من ذلك كل التوسعة بحيث يشمل النتف في أي مكان يقع من بدن المرأة إلا ما استثناه الشارع كنتف الإبط مثلًا فإنه من سنن الفطرة.

وهذا كلام نذكره الآن بالمناسبة ولا نقف عنده كثيرًا، لكن الشاهد: إذا كان الشارع الحكيم حرم على المرأة أن تأخذ من حاجبيها ترى! ألا يحرم ذلك على الرجال من باب أولى؟ الجواب: نعم؛ لما ذكرته آنفًا: أن هذا تغيير لخلق الله، والحديث التقى مع الآية: المغيرات لخلق الله، فإذا كان الله عز وجل حرم عليهن أن يغيرن تغييرًا بسيطًا من حواجبهن؛ لأنه تغيير لخلق الله، فالرجل من باب أولى أنه لا يجوز له أن يأخذ من حاجبيه؛ لأنه أيضًا تغيير لخلق الله.

زد على ذلك: أن الشارع أباح للنساء ما لم يبح للرجال، فإذا حرم عليهن هذا فمن باب أولى أن نحرمه على الرجال كما ذكرنا.

فكل هذه الأصناف التي ذكرت في الحديث تغيير لخلق الله، البشرة مثلًا تكون المرأة ذراعها أبيض فلا يعجبها بياض ربها فتأخذ الوشم وتشم البشرة، هذا هو

<<  <  ج: ص:  >  >>