قام على معصية الله عز وجل من مكسب فهو حرام، كما قال عليه السلام:«يا أيها الناس! اتقوا الله وأجملوا في الطلب، فإن ما عند الله لا ينال بالحرام».
«إن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، فأجملوا في الطلب؛ فإن ما عند الله لا يُنَال بالحرام».
«أجملوا في الطلب» أي: اسلكوا الطريق الجميل المشروع لتحصيل المال بالحلال، فإن ما عند الله لا ينال بالحرام، والآية الكريمة تقول:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢].
فالتعاون على الإثم والعدوان، مجرد التعامل على الإثم والعدوان فهو إثم، فأن يُسْتَغَلَّ هذا الإثم ويكتسب به، فهذا ضلال على ضلال.
يعني بعبارة أوضح: إذا كان معلوماً لدينا أن حلق اللحية حرام شرعاً، فيأتي إنسان ويحلق له لحيته، هذا تعاون معه على المنكر، ما تعاون معه على البر والتقوى، وفوق تعاونه معه على المنكر فهو يأخذ عليه أجراً، فهذا ضلال على ضلال، فهذا المكسب -بلا شك- يكون حراماً، وهذا أمر لا ينبغي أن يُتَوَقَّى فيه الإنسان إطلاقاً؛ لأن الآية السابقة:{وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢]. الرسول عليه السلام ضرب تفسيراً لها بعض الأمثلة، فهو يقول مثلاً في الحديث الصحيح:«لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه»؛ لأنهم تعاونوا على المنكر.
وقال في الحديث الآخر:«لعن الله في الخمر عشرة: .. » أول واحد هو الشارب، ثم بَيَّن البقية، كلهم داخلون بسبب أنهم كانوا سبب شرب هذا الشارب للخمر، لولاهم لما كان هذا الشارب إطلاقاً:«عاصرُها ومعتصرُها وحاملُها والمحمولة إليه وبائِعُها وشاريها وهكذا» كلهم لُعِنُوا بأنهم كانوا عوناً على تيسير الطريق لهذا المرتكب لهذا المنكر، وهكذا كل المسائل التي تخالف الشريعة، تدخل في عموم هذه الآية، وفي دلالة هذه الأحاديث الخاصة، فإذا كان منكراً من الفعل أن يحلق الرجل