وآخذين بحديث أنس بن مالك ومعاوية وغيره:«وستختلف أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: هي التي على ما أنا عليه وأصحابي»، الآن نرجع لا يوجد عندنا ولا حديث واحد ولو ضعيف، مثل حديثنا ذاك:«كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها» قلنا: ضعيف، لا يوجد حديث ضعيف: أن الرسول كان لا يأخذ، هذا وهم شايع الآن بين العلماء أن الرسول كان لا يأخذ من لحيته، لا أصل لهذا الكلام إطلاقاً، كل ما هناك ممكن أن يقال: عموم الحديث: «وأعفوا اللحى»، لكن هذا العموم كتلك العمومات التي لم يجب العمل عليها، ثم عندنا خلاف أنه لم ينقل أن الرسول أنه كان لا يأخذ أصحابه الذين شاهدوه أخذوا، ترى هؤلاء يخالفونه وهم يروون حديث الرسول عنه:«وأعفوا اللحى»؟ لا يخالفونه، والشايع هنا، في شائعة أخرى هي خطأ مزدوج، أنت آنفاً رويت عن ابن عمر: أنه كان إذا حج أو اعتمر أخذ من لحيته، هذه رواية صحيحة، لكن ما هي مقيدة، بمعنى: أنه كان لا يفعل ذلك إلا في الحج والعمرة، لا، كان يفعل ذلك حتى في غير الحج والعمرة، ثم الشاهد .. الخطأ الثاني: أنه هذا بس ابن عمر، كذلك هذا خطأ، فقد صح عن أبي هريرة: أنه كان يأخذ أيضاً من لحيته، وليس هذا فقط، بل قد صح عن إبراهيم بن يزيد النخعي، وهو من التابعين يقول: كانوا يأخذون من لحيتهم، كانوا يأخذون، من الذين كانوا؟ أصحاب الرسول عليه السلام، ولا يوجد خلافة للنصوص إطلاقاً.
إذاً: هدي السلف ليس هو إعفاء اللحية كما نرى بعض السلفيين المتعمدين، تلقى لحيته واصلة إلى هنا، يظنون أن هذا هو السنة، لا أصل لهذه السنة أبداً، وليس لنا طريق لمعرفة مثل هذا إلى أصحاب الرسول، وإذا كان أصحاب الرسول وفي ابن عمر أحرص الصحابة في اتباع الرسول حتى في أمور العادة، وهذا أظنه معروف عندكم عنه شيء، إذا كان هؤلاء الصحابة لا يوجد عن واحد منهم إلا أنه يأخذ عن لحيته، فلا يمكننا أن نقول بأن الصحابة كانوا لا يأخذون، وبالتالي لا يمكننا أن نقول: بأن الرسول عليه السلام كان لا يأخذ.