للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحيث يُفْهَم من حَضِّه عليها استحباب المداومة عليها، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام «في الإنسان ثلاثمائة وستون سُلامى، وعلى كل سُلامى في كل يوم صدقة» والسُلامى هي المفاصل والتي رُكِّب عليها بَدَنُ الإنسان في كل موطن من بدنه، ففي اليد مفاصل عديدة، الرقبة فيها عديد من المفاصل، حيث الإنسان يلوي رقبته كما يشاء، وهكذا: قيسوا سائر أعضاء الجسد، فهو عليه الصلاة والسلام يُخْبِر بشيء لما يَصِل علم الطب إليه اليوم بعد؛ لأنه من خبر السماء، فيقول عليه الصلاة والسلام «في الإنسان، في كل إنسان ثلاثمائة وستون سلامى» أي مفصل، «وعلى كل سلامى في كل يوم صدقة» قالوا: يا رسول الله: ومن يستطيع أن يتصدق في كل يوم بثلاثمائة وستين سلامى؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «إن لكم بكل تسبيحة صدقة، وتحميدة صدقة، وتكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة» ثم عَدَّ عليه السلام كثيراً من هذه الخصال، ثم ختم الحديث بقوله: «ويجمع لك ذلك كله ركعتا الضحى» أي: من صلى كُلَّ يومٍ ركعتي الضحى، فكأنه تصدق بثلاثمائة وستين مفصلا.

خذ عبارةً أخرى: أن هذه الثلاثمائة وستين مفصلاً هذه نعمة كبيرة من الله؛ لأننا إذا تَصَوَّرنا أن إنساناً ليس له سُلامى، لا فرق بينه وبين الصنم المنحوت من الصخر؛ لأنه لا يستطيع أن يأتي بحركة.

إذاً: هذه نعمة كبيرة يجب على المسلم أن يقوم بشكرها لله تبارك وتعالى، فكيف يكون شُكْرُه؟ أن يتصدق مقابل كل سُلامى في كل يوم صدقة، لكن هذا لا يستطيعه أكثر الناس، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - بَيَّن ويَسَّر السبيل لعامة الناس فقرائهم وأغنيائهم، أن يتصدقوا في كل يوم بثلاثمائة وستين صدقة، وذلك بأن يصلي ركعتي الضحى، فركعتا الضحى تجزئ عن ثلاثمائة وستين صدقة وفي كل يوم.

والشاهد: أن هذا الحديث فيه التصريح بشرعية وجواز صلاة الضحى في كل يوم، وإن كان لم يثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلاً، حسبنا أنه ثبت من فعله أحياناً ومن قوله في كل يوم.

«الهدى والنور /٩٧/ ١٨: ١٧: .. »

<<  <  ج: ص:  >  >>